Tarikh Harb Balqan Ula
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
Genres
فأخذ صاحبنا المراسل هذه الكلمات، ثم أخذ خريطته ووضع علامات على القرى المحيطة بقرق كليسا وسير الطلائع ونصب بطاريات هنا وبطاريات هناك، ثم شرع يصف رماية القنابل من الجانبين، وختم بوصف معركة شديدة بالسلاح الأبيض في شوارع قرق كليسا، غير أنه لسوء طالع هذا المراسل ثبت بعد ذلك أن الجنود العثمانية تركت قرق كليسا قبل وصول البلغاريين إليها بعدة ساعات، لما وصفناه من حدوث الرعب بين صفوفها ...
ولما شكا المراسلون إلى المراقب البلغاري من السماح لبعض زملائهم بإرسال تلك الملفقات أجابهم قائلا: «ليس من وظيفتنا أن نراقب هنا صحة أخباركم، فنحن ندعكم تختلقون ما تريدون من الحكايات، ولكنا لا نسمح بإرسال أخبار صحيحة تفيد أعداءنا.»
على أن أمثال أولئك الملفقين لا يمكنهم أن «يطيلوا حبل الكذب»؛ لأن أهل الجد وطلاب الحقائق لم يلبثوا أن فضحوا أمرهم وهتكوا سترهم، وربما كان اختلاقهم مرة مضرا بالقول الحق الذي نشروه مرارا؛ كما وقع لمراسل الريشبوخت النمساوية.
تأثير الفشل العثماني في العالم الإسلامي
(1) الهلال الأحمر المصري
لقد أكبر العالم الإسلامي كله فشل الجيش العثماني في البلقان، وجاءت الأنباء تترى من الهند وأفغانستان والصين وسائر البلدان التي يقيم فيها الموحدون، بأن خبر ذاك الفشل كان فيها أليما والتأثير من وقوعه عظيما، وأفاد بعض أنباء الهند أن كثيرا من مسلميها كانوا يحيون الليالي بالبكاء والضراعة في المساجد، ثم أخذ كل بلد يجمع ما يستطيع من المال ويرسله إلى ضفاف البوسفور؛ إعانة للجيش العثماني الذي كثرت جرحاه ومرضاه، أو إعانة لألوف المهاجرين من نساء وأطفال وشيوخ؛ لأن دخول المتحالفين بلادهم سحب عليهم ذيل الخراب وذهب بأموالهم ورجالهم، فلم يبق لهم من وسيلة إلا الهجرة إلى جهة يطلع عليها الهلال، ولا غرو، فإن المهاجر إذ كان لم ينل من هجرته الرخاء فقد حقن على الأقل ما بقي من الدماء.
وكان في طليعة الأمم التي كبرت حميتها وفاضت أريحيتها وتحرك فؤادها عطفا وشفقة الأمة المصرية الكريمة، فإنا نعرف أناسا منها باتوا وأحشاؤهم مطوية على الطوى يوم ورد خبر معركة لوله بورغاز، إلا أن المصريين على اختلاف طبقاتهم تسلطوا على عواطفهم كما أثبت جناب لورد كتشنر في تقريره، فلم يظهروا إلا الحكمة والتبصر في إظهار حميتهم الإسلامية وعاطفتهم الإنسانية.
أما الأموال التي جمعوها للإعانة فقد بلغت نحو ثلاثمائة وأربعين ألف جنيه، منها نحو مائتين وأربعين ألفا وصلت إلى يد اللجنة العلياء، ونحو مائة ألف جنيه إلى يد جمعية الهلال الأحمر المصري، وهنا نستأذن المطالع في تخصيص جمعية الهلال بكلمة خليقة بها، فهي بشهادة العثمانيين والأجانب أدت من الخدمات الجليلة ما خلد للقائمين بها ذكرا طيبا يرويه الخلف عن السلف، وحسبنا للدلالة على غرضها الشريف أن نذكر هنا مواد الفصل الأول من قانونها، وهي:
المادة الأولي:
تأسست بمصر جمعية الهلال الأحمر المصري، ومركزها العمومي مدينة القاهرة تحت حماية الحضرة الفخيمة الخديوية، ورعاية صاحبة السمو والدة الجناب العالي الخديوي، ورئاسة صاحب الدولة الأمير محمد علي باشا شقيق الجناب العالي.
Unknown page