Tarikh Harb Balqan Ula
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
Genres
تلك خلاصة ما يرد به الألمانيون على خصومهم، وهو لا يخلو من نور الحقيقة، ولكن هناك أمرا لا ريب فيه: وهو أن المدافع الفرنساوية فعلت فعلا هائلا، وأن عددا غير قليل من القنابل الألمانية لم ينفجر، وأن القنابل التي كان يطلقها المدفع الفرنساوي المعروف بمدفع 75 في الدقيقة ظهرت أشد فعلا من مدفع كروب الذي يضارعه في الحجم، كما قال الاختصاصيون الذين حضروا المعارك الكبرى ومنهم كبار قواد الصرب والبلغار واليونان.
حصار أدرنه وسقوطها
نتكلم هنا على حصار أدرنه ثم سقوطها بعد الهدنة الأولى، فنختم به شرح الأعمال الحربية التي جرت في تراقيه بين البلغاريين والعثمانيين، ثم ننتقل إلى معارك الصربيين والعثمانيين طبقا للخطة التي رسمناها في تقسيم هذا الكتاب. (1) ما هي أدرنه؟
أدرنه مدينة قائمة عند ملتقى نهري مريج وطونجه شمالا ونهر أدرا يمينا، طوقها بلوم باشا بستة وعشرين حصنا صغيرا أيام الحرب الروسية العثمانية، وهي - أي تلك الحصون - منشأة على مرتفعات تشرف من الجهتين الشرقية والغربية على مدينة أدرنه نفسها ، وتتصل بموضع الخط الحديدي الممتد من الجهة الجنوبية الغربية، ولكنها لا تعد القسم الأهم من القلعة في هذا الوقت.
ولما كانت سنة 1903 اتسعت دائرة الموقع اتساعا كبيرا، وأنشأت له الحكومة العثمانية حصونا حديثة محمية ذات أبراج صغيرة في الجهات الشرقية والشمالية والغربية أي أشد الجهات استهدافا للخطر، وهي تسمى قرتال تبه، وقزال تبه، وشيطان تبه، وطاش تبه، وقوش تبه.
وصرفت عناية خاصة إلى المسافة التي بين قرتال تبه، وقزال تبه، فحفرت هناك سلسلة من الخنادق، وأنشأت جملة مواقع دفاعية جعلتها ذات منعة كبيرة.
وكان أركان حرب الجيش البلغاري
1
يقدرون أن العثمانيين يمكنهم وقت الحصار أن يضعوا في حصون أدرنه نحو 200 مدفع من مدافع الحصار الكبيرة التي جيء ببعضها من الدردنيل، و300 مدفع أخرى من مدافع الميدان، وكان عند العثمانيين أيضا نحو أربعين منيرة كهربائية (بروجكتور) لاستطلاع طلع أعدائهم تحت جنح الليل.
ولما اسود وجه السياسة قبيل الحرب، وجهت الحكومة العثمانية همة جديدة إلى حصون أدرنه، فقدمت لها ما كان يعوزها لإتمام الأهبة في الخطوط الأولى وحفرت خنادق جديدة لإقامة المشاة، ونصبت مدافع مغمورة بالتراب على الطريقة الحديثة، ولما هجم الجنرال إيفانوف هجمته الأولى بعد إعلان الحرب رأى مقاومة شديدة من الخطوط الدفاعية الأولى، وظهر للبلغار أنها لا تؤخذ إلا بالحصار، ومما يجب ذكره فوق ما تقدم أن الأراضي الواقعة وراء قره أغاج من الجهة الجنوبية الغربية هي على مستوى القياس المتوسط لمياه مريج، وأن هناك مستنقعات مغطاة بالأعشاب، فإذا هطلت الأمطار في شهري أكتوبر ونوفمبر حولتها إلى بحيرات صعبة المجاز، فكانت للعثمانيين هناك معونة كبيرة من الطبيعة نفسها.
Unknown page