Tarikh Haraka Qawmiyya Fi Misr
تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة: من فجر التاريخ إلى الفتح العربي
Genres
لو صح أن هذه المكتبة قد نقلت أو لو كان العرب قد أتلفوها حقيقة لما أغفل ذكر ذلك كاتب من أهل العلم كان قريب العهد من الفتح العربي، مثل «حنا النقيوسي»، ولما مر على ذلك بغير أن يكتب حرفا عنه.
ولا يمكن أن يبقى شك في الأمر بعد ذلك، فإن الأدلة قاطعة وهي تبرر ما ذهب إليه «رينوود» من الشك في قصة أبي الفرج، وما ذهب إليه «جبون» من عدم تصديقها، ولا بد لنا أن نقول إن رواية أبي الفرج لا تعدو أن تكون قصة من أقاصيص الخرافة، ليس لها أساس في التاريخ.»
31
وقال بتلر في هامش ص370: «لم نقصد في هذا الأمر سوى إثبات الحقيقة، ولم نقصد الدفاع عن العرب، وليس الدفاع بضروري، ولو كان ضروريا لما تعذر أن نجد شيئا يليق الاعتذار به عن ذلك، فلا شك أن العرب عنوا فيما بعد بجمع كثير من الكتب القديمة وغيرها مما وقع في أيديهم، وعنوا بحفظها وترجموا منها في كثير من الأحوال، وفي الحق إنهم أقاموا مثلا يجدر بفاتحي هذه الأيام (يريد المستعمرين الأوروبيين) أن يحذوا حذوه، فقد نقل سديو
Sedillot
في كتابه «تاريخ العرب»: أن الفرنسيين عندما فتحوا مدينة «قسطنطينة»، في شمال إفريقية أحرقوا كل الكتب والمخطوطات التي وقعت في أيديهم، كأنهم من صميم الهمج، ووجد الإنجليز عند فتح مدينة «مجدلة» مكتبة كبرى من الكتب الحبشية فحملوها معهم، ولكنهم لم يلبثوا أن تركوا أكثرها في كنيسة على جانب الطريق؛ إذ وجدوا في حملها عناء لم يقووا على احتماله، ولقد كان اختيارهم للكتب التي أبقوا عليها خبطا وسيرا مع الصدفة، ولكن قيمة الكتب التي أنقذت وحفظت تدلنا على فداحة الخسارة التي لحقت العلم بضياع ما ترك منها؛ فقد كانت النسخة الخطية من كتاب «حنا النقيوسي» التي حفظت بالمتحف البريطاني إحدى تلك الكنوز التي أنقذت بهذه الطريقة الاتفاقية.»
هذا، ومن العلماء المحققين الذين نفوا هذه الفرية عن العرب جستاف لبون، وأرنست رنان، وجبون، ورينوود، وسديو، ويقول سديو: إن هذه القصة وضعها كتاب معادون للعرب والإسلام؛ إبان الحروب الصليبية. (10) عمرو بن العاص يتولى شئون مصر
بعد أن تم لعمرو بن العاص فتح الإسكندرية تحول إلى الفسطاط التي أنشئت بعد الفتح، ومن هناك تولى شئون مصر بأمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وكان بدء ولايته سنة 29ه قبل فتح الإسكندرية.
فكان خير وال لشئونها، وعرف بالحكمة والعدل ولين الجانب وإطلاقه الحرية الدينية للمواطنين، والسعي في إقامة أعمال العمران التي عادت على البلاد بالخير، وأحبه أهل مصر لما رأوا فيه احترام حرية العقيدة الدينية وتخفيف وطأة الضرائب، ومن السماحة بعد الغلظة التي كانوا يشهدونها من الولاة الرومان.
وظل يتولى شئون مصر حتى ولي الخلافة عثمان بن عفان سنة 24ه، فعزله سنة 26ه وولى بدله عبد الله بن سعد بن أبي سرح.
Unknown page