Tārīkh dawlat Āl Saljūq
تاريخ دولة آل سلجوق
Genres
ولما نمى إلى السلطان ببغداد خبر قتل ابن طغايرك، أحضر الأمير عباسا في داره، ليخلو به ويستشيره. فلما خلا به أمر بضرب رقبته، ورمي جثته. وذلك بكرة خميس من ذي القعدة سنة 541 ه. فركب عسكر عباس يتقدمهم الأمير آق سنقر الفيروزكوهي، وشقوا مدينة بغداد وساروا، ونهض الأوباش لنهب دار الوزير وثاروا. فأركب السلطان جماعة منعوا من الوصول إلى داره، وبقي موقرا موفرا على حرمته وقراره. ثم أذن له في الانصراف إلى فارس مصحوبا بالصيانة مصونا بالصحبة، مرتب الأحوال حالي الرتبة. فجاء إليه وودع ودعا، ورعى له السلطان حق ما رعى وتلا: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى".
ذكر وزارة شمس الدين بن النجيب الأصم الدركزيني
قال: وحفظ السلطان حرمة الوزير تاج الدين، فلم يتسم شمس الدين الوزير بوزارته، حتى انصرف الوزير بجاهه وماله وحرمته، وحشمته ونعمته. ولم ير وزير للسلجقية صرف ولم ينكب في نفسه أو في ماله سواه، ولأنه كان يرجو منه استمالة الأمير بوزابه وتحصيل رضاه. فإنه لم يشك في حركته، والابتلاء بمعركته. فضمن له تاج الدين بن دارست أن يكفيه أمره، ويكف شره. وكان هذا من دهائه لينجو من الداهية، ويستفيد الإحكام لقواعده الواهية. فرحل فرحا للسلامة، ظاعنا من وطنه إلى دار المقامة. فاستقل بالوزارة حينئذ شمس الدين أبو النجيب، وكان من قبل يخدم ابن بلنكري. فلما سار، أقام يخدم الأمير الحاجب تتار، مستديما لعود مخدومه الانتظار.
فرغب السلطان فيه لأجل اختصاصه بخاصبك، ولم يكن فيه من أدوات الوزارة إلا كونه للقوام الدركزيني نسيبا، فحاز من منصبه نصيبا. وكان بزمانه شبيها، وفي مكانه نبيها. لائقا بالقوم، موافقا للوم. يطلب مرافقهم في مرافقهم، والتخلق بخلائقهم.
والسلطان لاه بالملاهي، متناه في المناهي. لا يسأل عما يفعل، ولا يفعل ما يسأل. ولا يقبل ما يقال، ولا يقول ما يقبل. وعن للسلطان أن يحرك ساكن الموصل بإبداء عزمه إليها، وإظهار عوجه عليها. فبادر متولوها بحمول، وتحف وهدايا وخيول. فقبلها منهم، ورضى عنهم. وأقام ببغداد باقي تلك الشتوة. فلما رحل ضيف الشتاء، حل السلطان حبوة مقامه، وأمر خبر خروج بوزابه صاحب فارس ما أخلاه من أحلامه.
Page 326