141

قال: وكنت أنا في ذلك العهد ببغداد متفقها، واتفق حضوري بالموصل في ذي القعدة سنة 542 ه. فحضرت عند جمال الدين بالجامع في جمعتين، وتكلمت عنده مع الفقهاء في مسألتين. ومما مدحته به من قصيدة وذلك من أول نظمي، أولها:

أظنهم وقد عزموا ارتحالا ثنوا عنا جمالا لا جمالا

سروا والصبح مبيض الحواشي فلما جال عهد الوصل حالا

اخلائي وهل في الناس خلبه أخلي من الأشجان بالا

لئن لم أشف صدري من حسودي ولم أذق العدى داء عضالا

فلا أدركت من أدبي مراما ولا صادفت من حسبي منالا

ولا وخدت إليكم بي جمال ولا واليت مولانا الجمالا

وقائلة أفي الدنيا كريم سواه فقلت لا، وأبي العلا لا

قال: ولم يقنع ما جاد به للوفود، حتى زم إلى البلاد ركائب الجود، فجعل لكل بلدة من بلاد الإسلام من مواهبه راتبا، وأصبح جوده في الآفاق إلى المقيمين سائرا واللطالبين طالبا.

عاد الحديث إلى ذكر ما جرى للسلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه بعد موت جاولي في سنة 541 ه

قال-رحمه الله-: ولما توفي جاولي جاندار، طمع الأمير الحاجب الكبير فخر الدين عبد الرحمن بن طغايرك في تولي بلاد أرانية وأرمينية، وعرف أنه لا يتمشى له ذلك مع تسلط خاصبك بن بلنكري، فتوسل في استمالة الأمير بوزابه، صاحب فارس، إلى السلطان، ليتم له مراده بتوسطه، وأرسل إلى الأمير الحاجب تتار، وهو عند الأمير بوزابه، أن هذا أوان قدومه، وزمان هجومه. فقدم المعسكر السلطاني في عسكر ضخم، ومقدم فخم. واتصل به الأمير عباس صاحب الري في عدة وعديد، وبأس شديد. واتفق هؤلاء الثلاثة ابن طغايرك، وبوزابه، وعباس ، على تدبير الدولة وتقرير قوانينها وترتيب دواوينها، وكف عادية المتسطلين عنها، وتوفين حظوظهم بالاستقلال بها منها. فأحوجت السلطان الضرورة إلى النزول على حكمهم، ورأى السلامة سلمهم. وأقسم على رضاهم ورضي بقسمهم. فأول ما فعلوا أنهم عزلوا وزيره، ونقلوا إلى الوزير الذي ولوه تدبيره.

Page 323