Tārīkh Madīnat al-Salām
تاريخ مدينة السلام
Editor
الدكتور بشار عواد معروف
Publisher
دار الغرب الإسلامي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1422 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Ḥadīth Studies
سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: جَيٌّ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ، وَكَانَ يُحَبُّنِي حُبًّا شَدِيدًا لَمْ يُحِبَّهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلا وَلَدِهِ، فَمَا زَالَ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي الْبَيْتِ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ.
وَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطِنَ النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا فَلا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً، فَكُنْتُ كَذَلِكَ لا أَعْلَمُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا إِلا مَا أَنَا فِيهِ، حَتَّى بَنَى أَبِي بُنْيَانًا لَهُ، وَكَانَتْ لَهْ ضَيْعَةٌ فِيهَا بَعْضُ الْعَمَلِ.
فَدَعَانِي، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنَّهُ قَدْ شَغَلَنِي مَا تَرَى مِنْ بُنْيَانِي عَنْ ضَيْعَتِي هَذِهِ، وَلا بُدَّ لِي مِنَ اطِّلاعِهَا، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ، فَمُرْهُمْ بِكَذَا وَكَذَا، وَلا تَحْتَبِسْ عَنِّي، فَإِنَّكَ إِنِ احْتَبَسْتَ عَنِّي شَغَلْتَنِي، عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ.
فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةِ النَّصَارَى، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: هَؤُلاءِ النَّصَارَى يُصَلُّونَ، فَدَخَلْتُ أَنْظُرُ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِمْ، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَالِسًا عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَبَعَثَ أَبِي فِي طَلَبِي فِي كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى جِئْتُهُ حِينَ أَمْسَيْت، وَلَمْ أَذْهَبْ إِلَى ضَيْعَتِهِ، فَقَالَ أَبِي: أَيْنَ كُنْتَ؟ أَلَمْ أَكُنْ قُلْتُ لَكَ؟ فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُقَالُ لَهُمُ: النَّصَارَى، فَأَعْجَبَنِي صَلاتُهُمْ وَدُعَاؤُهُمْ فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ كَيْفَ يَفْعَلُونَ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ، فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ، هَؤُلاءِ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيَدْعُونَهُ وَيُصَلُّونَ لَهُ، وَنَحْنُ نَعْبُدُ نَارًا نُوقِدُهَا بِأَيْدِينَا إِذَا تَرَكْنَاهُ مَاتَتْ، فَخَافَنِي، فَجَعَلَ فِي رِجْلِي حَدِيدًا وَحَبَسَنِي فِي بَيْتٍ عِنْدَهُ، فَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى، فَقُلْتُ لَهُمْ: أَيْنَ أَصِلُ هَذَا الدِّينَ الَّذِي أَرَاكُمْ عَلَيْهِ؟ فَقَالُوا: بِالشَّامِ.
فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ مِنْ هُنَاكَ نَاسٌ،
1 / 511