370

============================================================

ذكر ذي القرنين الموعود جاءه ملك الصين في جنود لا يحصون عدذا وشوكة لم ير مثلها فلما اصطف العسكران ورأى ذو القرنين هيبة القوم خرج ملك الصين إلى ما بين الصفين ونادى يا ذا القرنين اخرج اكلمك فخرج إليه، ويقال: لا بل خرج ملك الصين في الليلة التي تواعدا للقتال صبيحتها حتى أتى ذا القرنين فدخل عليه على هيئة الرسول مستنكرا، وقال: اخرج من عندك أبلغك رسالة صاحبي ففعل ذو القرنين ذلك ووضع بين يديه سيفا مسلولا فلما خلا المجلس تعرف ملك الصين أنه هو فكلمه فقال ذو القرنين: ألم تخش على نفسك حين أتيتني وأنا أعرفك، فقال: لا، لأني رأيتك وتفرست فيك إنك ذو القرنين حين جثتني فلم أغدر بك ، فعلمت أنك تكافتتي بمثل فعلي ولا تغدر بي وأيضا فإني عرفت عقلك وكرمك فوثقت بك فصدقه ذو القرنين وكلمه بما أراد وضمن له صاحب الصين الطاعة والخضوع له ورجع في ليلته فلما أصبحوا وعند ذي القرنين هدايا ملك الصين تأتيه كما ضمن له إذا هو بالعساكر التي لا تحصى عدذا والشوكة التي لم تر مثلها قد جاءته فخشي الغلبة فبادر وعبا عسكره، فلما دنا القوم بعضهم من بعض خرج ملك الصين ما بين الصفين وسأل ذا القرنين إن خرج إليه ليكلمه فخرج اليه فقال: لعلك تقول لي إنك نقضت العهد وخالفت ولم أفعل ولكني أردت أن تعلم أني لم أخضع لك عجزا وكيف أعجز ومعي هذه الجنود والهيبة التي ترى، وإنما أطعتك إبقاء على تاحيتي ورجالي فإن صاحب الحرب لا يدري ما يكون عاقبة حربه، أما أنا ملك على ما قلت وضمنت ورجع عن ذي القرنين بجنده، ثم بعث إليه بما ضمن له من الأموال وأهدى إليه من حرير الضين وما يكون بها من الجلود الثمينة والبراذين والغلمان والجواري والمسك والعنبر والكافور والعود وأنواع الطيب والجواهر ووعده أن يؤدي الخراج، فلما رأى ذو القرنين ذلك قال له: أنت أعقل الناس وأهدى إليه بهدايا سنية من عنده وقال له: قد وسعت لك خرج أرضك فلا حاجة لي فيه وخرج من أرضه راضيا عنه وسار حتى انتهى إلى الثبت(1) ثم إلى فرغانة(2) ثم إلى الضدف وسمرقند(2) ويقال إنه بنى سورها ليتحصن به أهلها من الترك، وذلك أته لما (1) التبت: بالضم وبكسر ثانيه: وهي بلد بأرض الترلك وقيل مملكة متاخمة لأرض الصين ومتاخمة في إحدى جهاتها لأرض الهند، ومن جهة المشرق لبلاد الهياطلة ومن جهة المغرب لبلاد الترك، ياقوت الحموي معجم البلدان 10/2.

(2) فرغانة: بالفتح ثم السكون، وغين معجمة وبعد الألف نون: مدينة واسعة بما وراء النهر متاخمة لبلاد تركستان- پاقوت الحموي - معجم البلدان 253/4.

(3) سمرقند: بفتح أوله وثانيه - ويقال لها بالعربية سمران وقيل من آبتية ذي القرنين بما وراء النهر، ياقوت الحموي - معجم اليلدان 3/ 347.

Page 370