============================================================
ذكر ذي القرنين مدينة أهلها رؤوسهم كرؤوس الكلاب فلما أبصروا العسكر هربوا فلم يقدر على أحد منهم فارتحل عنهم حتى أتى نهرا عظيما وحوله شجر كثير وإذا تلك الشجر يتطاول في أول النهار إلى أن تزول الشمس ثم يناقص إلى الليل حتى لا يرى منه شيء ولها رائحة طيبة أطيب من المسك فأتي ذو القرنين بثمرها وورقها فبينما هم كذلك إذ وقعت الجن في العسكر يضربونهم فيرى أثر الضرب على الرجل ولا يرى الضارب ثم سمعوا صوتا يقول : لا تتناولوا من هذه الشجرة، فإن أخذتم أهلكناكم فنهى ذو القرنين عن التناول منها ورأوا على تلك الأشجار طيورا لم ير مثلها حسنا فلم يتجاسروا على أخذها ورأوا في ذلك النهر حجارة بيضا فإذا أخرجت من الماء صارت سوذا وإذا طرحت في الماء صارت بيضا ثم ارتحل من هنالك إلى أرض أهلها قوم أعينهم في صدورهم لا يفهم كلامهم ولا يفهمون ما قيل لهم لا عقل لهم كالضبيان إذا مشى أحدهم فضرب صاحبه بكى كالصبي وهم حفاة عراة ويقال إنهم الذين يقال لهم النسناس والله تعالى أعلم ثم ارتحل حتى أتى البحر الأعظم الذي يقال له المحيط، فخرج عليهم أناس من البحر صلع صهث جرذ وأخذوا أناسا من أصحاب ذي القرنين فرموا بهم في البحر وجعلوا يأكلونهم فحمل عليهم العسكر فدخلوا الماء ولم يقدروا عليهم فمضوا وانتهوا إلى أرض كثيرة الغياض والفواكه وفيها دوات مثل حمار الوحش طول كل حمار خمسة عشر ذراغا ولها قرون كالرماح فأصاب العسكر منها وأكلوا فلم يروا لحما أطيب منه ثم مضوا فانتهوا إلى أرض فيها أناس صلع قصار لكل واحد منهم أذنان عظيمتان يفترش احداهما يلتحف بالأخرى إذا نام وإذا مشى أخذ إحداهما قدامه والأخرى خلفه، ولا عقول لهم ثم مضوا فانتهوا إلى أرض لا سكان فيها وهنالك طيران عظيمان فنادى أحدهما يا ذا القرنين قد وطئت أرضا لم يطأها أحد قبلك، وههنا أقصى الأرض وليس وراءها إلا الجبل الذي تطلع الشمس خلفه فارجع إلى مكانك، وكان دون الجبل البحر المحيط بالأرض وكان هنالك مطلع الشمس التي قال الله تعالى: ل(ثم أنبع سببا حق إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لر نجعل لهر من درنا سن [الكهف: الآيتان 9089] أولنك القوم صهب جرد لا شعر عليهم فإذا حسوا بطلوع الشمس دخلوا غيرانا وأكهافا يستترون بها من حر الشمس فلا يزالون كذلك إلى أن ترتفع الشمس ثم انه رجع من هنالك حتى وصل إلى جبال منيعة رفيعة ثم دفع إلى جبل عظيم على رأسه هيكل طوله مائتا ذراع وعلى بابه سلسلتان من ذهب ففتح الباب ودخله ذو القرنين فرأى فيه بيتا من ذهب فيه كوات كثيرة في كل كوة صنم من ذهب وفي وسط البيت سرير من ذهب مفضض بالدر والياقوت طوله آربعون ذراغا وفوق السرير عرش من الذهب فوقف ذو القرنين على باب البيت ساعة ثم دخله وقصد آن يكشف عن وجهه
Page 368