328

============================================================

ذكر عيى ابن مريم عليه الشلام ومما يروى من آحوال عيسى أن اليهود لما أخرجوه من بيت المقدس وكذبوه خرج هو وأمه يسيحان في الأرض فنزل يوما في بعض القرى على رجل فأضافهما وأحسن إليهما وأمرهما بالمكث عنده فمكثا فرجع الرجل يوما من الأيام حزينا ومريم عند امرأة الرجل فقالت مريم للمرأة: ما لزوجك حزين؟ قالت: لا أدري حتى أسأله فسألته وكان لناحيتهم ملك جبار عنيد فقال الرجل: إن الملك قد أوجب على كل واحد ضيافة له ولجنوده وقد جعل علي يوما وليس عندي سعة لذلك السبب حزنت فأخبرت مريم ابنها عيسى بذلك وقالت له ادع الله تعالى أن يكفيه أمره قال عيسى: أنا أفعل ولكنه يصير فتنة وبلاة، فقالت له أمه أنت ادع الله تعالى آن يقضي حاجته لحقه علينا، وليس عليك ما وراء ذلك، قال عيسى فقولي إذا كان وقت ضيافته أن يخبرني، فجاء الرجل فأمره عيسى أن يملأ قدوره ماء وخوابية الخمر ماء ففعل الرجل وجاء عيسى فدعا وتفث عليها فصارت قدوره مملوءة لحما ومرقا وبيته مملوعا خبزا وخوابيه مملوءة خمرا لم ير الناس أروق وأطيب منها فجاءه الملك فأكل وشرب فلما شرب الخمر قال للرجل: من أين لك هذا الخمر؟ فإني لم أر مثلها فقال: من قرية كذا، قال الملك: قد شربت من خمرها ولم يكن مثل هذه فقال الرجل: بل هي من قرية أخرى، قال الملك: قد شربت من خمرها فلما خلط على الملك غضب عليه، وقال: تكذبني فخاف الرجل على نفسه، وقال أصدقك أن عندي غلاما يتيما لا يسأل تعالى شيئا إلا أعطاه إياه، وهو الذي دعا لي حتى صار الماء خمرا، وقد كان للملك ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيام، فقال: إن من يدعو الله تعالى فيصير الماء خمرا ليخسبن أن يدعو الله تعالى فيحيي ابني فدعا بعيسى وسأله أن يدعو الله تعالى فيحيي ابنه فقال عيسى: لا تفعل فإن عاش كان شرا لكم، قال الملك: لا أبالي، قال عيسى: على شريطة واحدة، قال: وما هي؟

قال: إذا دعوت وعاش ابنك تتركني وأمي فنذهب حيث شئنا، قال الملك: نعم، فدعا عيسى فأحيى الله تعالى ابن الملك فلما رأى أهل مملكته ذلك قالوا إن هذا الجبار العنيد كتا في بلائه فالآن يريد أن يستخلف علينا ابنه حتى يكون علينا مثله، والله ما رضى فتبادروا بالسلاح وهاجت الفتنة فخرج عيسى بأمه من بينهم، فلما خرجا صحبهما يهودي في الطريق ومع اليهودي رغيفان ومع عيسى رغيف واحد فقال له عيسى: أتشاركني في الزاد قال اليهودي: نعم، فلما رأى أنه ليس مع عيسى إلا رغيف واحد فلما أمسوا وناموا جعل اليهودي يأكل أحد رغيفيه، فلما التقم لقمة منه قال له عيسى: ما تصنع؟ قال: لا شيء، وطرح الرغيف كله، فلما أصبحوا قال له عيسى:

Page 328