============================================================
ذكر سليمان عليه السلام فلما هيأت هذه كلها أمرت الكاتب بجواب كتاب سليمان فأجابت بألطف جواب وألقته إلى الهدهد فقام الهدهد ورفع الكتاب وطار به راجعا إلى سليمان فلما أتاه أخبره بأن الرسل تأتيك بالهدايا وأخبره بما جرى بينهم من المشاورة والكلام وذكر له أنواع الهدايا التي تأتيه فأمر سليمان الجن والشياطين حتى بنوا له قصرا لم ير الناس مثله وجعلوا صحن القصر كله مفروشا بلبن الذهب وتركوا في دهليزه موضع لبنتين وجعلوا على باب القصر ميدانا عظيما ونثروا بدل الحصى اللآلىء واليواقيت ثم لما علم بقرب الرسل أمر بأربعة آلاف فارس مشاكين بالسلاح فحملتهم الريح وصفتهم في الهواء عن يمين طريقهم وأمر الشياطين حتى القوا في طريقهم قطاعا من الجبال العظام فسدت طريقهم حتى لا يمكنهم المرور فلما دنوا آمر سائر العسكر والقواد باستقبالهم في هيئة لم ير أحذ مثلها فلما وصل الرسل إلى الجبال في ممرهم لم يطيقوا المرور فأمر سليمان الشياطين فرفعوا عن طريقهم فتحيروا في ذلك ثم بلغوا الجنود التي حملتهم الريح في الهواء فنظروا إليهم فبقوا داهشين، وقالوا فيما بينهم: آما نحن فلا نطيق حرب هؤلاء وهم في الهواء حتى بلغوا باب سليمان ودخلوا الميدان ورأوا ما فيه من الدر واليواقيت بدل الحصى قالوا في أنفسهم: إن قدمنا ما معنا من الجواهر إلى هذا الرجل يقول لنا إنكم قد قلعتموها من ميداننا فنشروها في الميدان خفية فلما جاؤوا إلى الدهليز رأوها مفروشة بلبن الذهب ورأوا موضع اللبن قالوا: إن ظهرنا اللبن معنا قيل إنكم قلعتموها من دهليزنا فطرحوهما في ذلك الموضع من حيث لم يره الناس ثم دخلوا على سليمان وعرضوا عليه الهدايا فنظر إليها فلما أحضروا الغلمان والجواري الذين قيل لهم سألوه أن يميز بينهم فأمر سليمان أن يؤتى بطشت وماء فقيل لهم: اغسلوا وجوهكم من الغبار فجعل الغلمان يحدرون الماء على وجوههم حدرا وجعل الجواري يمسحن بالماء وجوههن مسخا رفيقا ففرق بذلك بينهم ثم أمر باللؤلؤة التي لم تثقب فدعا بالدودة التي تأكل الخشب وأمرها أن تأكلها وتثقبها ففعلت، فقال: قد ثقبتها بغير حديد وأمر باللؤلؤة المعوجة فدعا بالدودة الحمراء التي تأكل القصب فأمرها فأخذت رأس السلكة فدخلت الثقب وخرجت من الجانب الآخر، ثم أتى بالقدح فأمر بالخيل فأجريت حتى عرقت فملأ القدح من عرقها لا من ماء السماء ولا من ماء الأرض، ثم إنه رد على الرسل الهدايا وقال: لست أطلب منكم المال ولست بصاحب الدنيا إنما أريد منكم الدين فذلك قوله: أتمدونن بمال فما اتلن، الله) [النمل: الآية 36) من النبوة والدين خير تتا ماتنكم} [النمل : الآية 36] من المال ويقال فما آتاني الله من الأموال والملك الذي ترون خير مما آتاكم فلا أحتاج إلى ما عندكم بل أنتمر بهديتكز نفرحود (الئمل: الآية 36) إن رددتها عليكم ويقال: بل آنتم بمثل هديتكم تفرحون أن أهدي إليكم ثم التفت إلى الهدهد وقال: أزجغ إلتهم} [الثمل: الآية 37] يعني
Page 261