============================================================
ذكر سليمان عليه السلام الريح حتى حبست العسكر إلى أن دخلت النمل مساكنهن ويروى أن النملة الرئيسة لبثت على باب حجرها حتى دخلت النمل كلها عن آخرها ثم دخلت هي بعدهن شفقة على رعيتها فقال سليمان في نقسه: إن هذه عبرة من الله لي وتعليم منه في الشفقة على رعاياي. ومما يروى من فهم سليمان كلام النمل آنه عليه السلام خرج في بعض آيامه يستسقي بالناس من قحطط أصابهم فمر بنملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول: يا رب إنا خلق من خلقك ليس بنا غناء من رزقك فإما أن ترزقنا وإما أن تقبضنا، فقال سليمان عند سمع دعاء النملة: أيها الناس ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم فأرسل الله المطر. ومما قص الله تعالى علينا من بناء سليمان وقصة الهدهد وحكاية بلقيس قال الله تعالى وتفقد الطير فقال مالك لا أرى الهذهد أم كان من الفآييين [اليمل: الآية 20] وتكلم الناس في تفقد سليمان الطير وسؤاله عن الهدهد، فقال بعضهم: إن سليمان كان إذا جلس مجلسه جاءت الطير فتصطف فوقه تدفع عنه وعن من معه الشمس وكان لكل طائر من الطير مكان مخصوص فجلس سليمان يوما من الأيام وأظلته الطير فنظر سليمان إلى موضع يطلع منه شعاع الشمس فنظر فرأى مكان الهدهد خاليا فسأل عنه، وقال آخرود: بل كان سبب سؤاله أنه كان يعرض في يوم من الأيام عساكره من كل جنس فعرضوا يوما عسكر الطير فلم ير هدهذا كان قد عرفه الطير فسأل عنه وروي عن ابن عباس آنه سثل فقيل: ما بال سليمان فقد الهدهد من بين سائر الطيور؟ قال ابن عباس: كان سليمان إذا سار في الأرض فنزل منزلا لا ماء فيه دعا الهدهد فيدله على الماء وذلك أن الله تعالى قد عرف الهدهد مواضع الماء في الأرض فكان سليمان إذا نزل بعض المنازل القفرة واحتاج العسكر إلى الماء طلب الهدهد ليدل على الماء فيحفر عنه الشياطين ويستخرجونه، قال: وكان شيخنا يقول معنى تفقد آمور صغيرهم وكبيرهم ألا ترى أن سليمان تفقد أحوال الطير مع استغنائها من بين سائر الدواب عن رعاية الناس مع ما أعطاها الله تعالى من الأجنحة حتى تطير بها في الهواء لطلب معاشها، ومع ذلك أن سليمان لم يخل في حق سيادته لها بالتفقد لها وحتى تفقد حال أضعفها وأصغرها مما لا يعبأ به كالهدهد فذكر الله لنا هذا من حال سليمان ليدل به الملوك والسادات على هذه النكتة في آمور رعائهم، وعن ابن عباس أن سليمان سار في بلاد اليمن مجتازا بها فلقي هدهذ من هداهد سليمان هدهذا من هداهد أرض اليمن فكان اسم هدهد سليمان يعفور واسم هدهد اليمن عنفير فقال هدهد اليمن ليعفور ما أعظم ملك صاحبك فقال: آجل وهل رأيت ملكا يشبهه قال عنفير: ملكنا امرأة لها شأن عظيم في الملك فان شئت فتعال حتى تراها فمضى هدهد سليمان معه متخلفا عن سليمان ومضى سليمان فنزل منزلا لم يكن هناك ماء فقال سليمان لجنوده هل يعرف أحد منكم
Page 257