165

============================================================

ذكر موسى عليه السلام راعيا على الطريق فطرح إليه كسوته وأخذ منه جبته فخرج خائفا بلا زاد ولا راحلة ولا صاحب يتعسف الطريق يمينا وشمالا يأكل الحشيش وورق الشجر حتى تشققت شفتاه فقال بعضهم: كان في الطريق شهرا، ويقال عشرا وقال وهب: ثمانية أيام حتى رفع إلى مدين قال الله تعالى: ولما ورد ماء مدي [القضص: الآية 23] وهو بثرهم التي يسقون منها مواشيهما وجد عليه أمة م التاس يسقورب [القصص: الآية 23] أنعامهم ووجد من دونهم أمرأتين تذودان [القصص: الآية 23] غنمهما من الماء الذي يشرب منه آنعامهم وهما ابتتا شعيب، وقال آخرون: ابنتا بيثرون ابن آخ شعيب، ويقال: بيثرون وشعيب واحد فشعيب بالعربية وبيثرون بالعبرانية والله أعلم، فلما رآهما كذلك رق لهما وأتاهما وسألهما وقال ما خطبكتا} [القصص: الآية 23] لم لا تتركان غنمكما تشرب مع غنم القوم؟ قالتا لا نسقى [القصص: الآية 23] فلا يجوز أن تسقي إلى أن يصدر الرعاء [القصص: الآية 23] فحيتئذ نسقي غنمنا فضلة مائهم إن بقي شيء" فقال لهما: ولم؟ قالتا: ذلك لأتنا على دين آخر غير دينهم، قال: ومن أنتما؟

قالت: نحن ابنتا شعيب وهو مسلم وهؤلاء كفرة، قال: وأين أبوكما؟ قالتا: وأبونا شيكبي [القصص: الآية 23] أعمى لا يقدر على الخروج وليس لنا من يسقي لنا مواشينا، فلما سمع ذلك منهما جاء إلى القوم فقال لهم: ما لكم لا تسقون غنم هاتين الضعيفتين؟ فقالوا له: أنت أشفق عليهما منا، فاسق غنمهما استهزاء به فزاحم موسى على البثر ونخاهم عن الماء وأخذ الدلو وجعل ينزع الماء فيسقي لهما، وفي رواية وهب آن القوم سقوا مواشيهم ووضعوا صخرة كانوا يضعونها على رأس البثر يحملها ثلاثون رجلا ويقال أربعون رجلا ولم يظن أحد أن رجلا يطيق نقلها فلما انطلقوا جاء موسى إلى البثر ليأخذ الصخرة فقالت: أنت لا تطيق حملها؟ فقال: أطيقه إن شاء الله تعالى باذنه ثم قال: بسم الله العظيم الواحد المعبود إلله إبراهيم وإسحلق ويعقوب اللهم أعني فرفع الصخرة ونخاها ثم أخذ الدلو وجعل ينزع الماء ويقول الحمد لله المحمود المعبود اللهم انصر عبدك المطرود ولا زال يسقي حتى رويت غنم المرأتين ثم إنه تولى الى الظل والمرأتان تتعجبان من قوته ورحمته لهما وكثرة ذكره لربه.

قال بعض الرواة: رجع موسى إلى الظل إلى شجرة هناك فقام إلى جنبها يصلي وقد أجهده الجوع فلما فرغ فقال رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير} ([القصص: الآية 24] قال ابن عياس: ما سأل الله إلا الخبز، وعن الحسن قال: لم يسأل من عرض الدنيا شيئا غير ذلك اليوم سأل ريه كسرة خبز من شعير يسد به جوعته وعن وهب قال: سأل خبز شعير يأكله وعنه قال: ما سأل إلا شبعة لبطنه، ثم إن الجاريتين

Page 165