وفي عام 1762 استولت الحكومة على كل الأموال الموجودة في الكنائس، وكان هذا من الأسباب الداعية إلى تقليل عدد الرهبان، ولكن لوحظ إذ ذاك تقدم أدبي عظيم بين الموجودين منهم، وظهر عدة رهبان نوابغ.
وأما ترقية الكنيسة وتقدم العلوم اللاهوتية، فقد ابتدأت في القرن التاسع عشر، عندما بلغ عدد الجامعات اللاهوتية أربعا، وأصبحت مع المدارس الدينية الوسطى ذات رواتب مخصصة وقوانين منظمة، وقد نبغ منها عدد عظيم من رجال الدين المشهود لهم بالتضلع من العلوم اللاهوتية والأعمال المجيدة.
ولكن الإصلاح العظيم في نظام المدارس الدينية الذي حدث عام 1867، كان له الفضل الأوفر.
وفي أول الجيل السابع عشر على عهد ملوك آل رومانوف الأولين، كان التعليم الديني منحصرا في ولايات روسيا الوسطى، ولكن في مقاطعات نوفغورد وما جاورها الخاضعة لأسوج، كان المبشرون ينشرون المذهب البروتستانتي، وفي روسيا الصغرى وروسيا البيضاء كانت انتشرت الكثلكة بالقوة، وفي الجنوب والجنوب الشرقي ساد الإسلام، وفي خلال الجيل السابع عشر اندمجت نوفغورد وروسيا الصغرى مع مملكة موسكو في أبرشية واحدة، ومن هذا الوقت غدا نور الأورثوذكسية ينتشر شيئا فشيئا، حتى وصلت أشعته إلى الشرق الأقصى. وابتداء من عام 1682 أصبحنا نرى الأديرة منتشرة حتى في سيبيريا المتباعدة، ومع مرور الزمان أصبحت الأورثوذكسية منتشرة في سيبيريا وفي جنوب روسيا وفي القوقاس وأستراخان.
وبوجه الإجمال فإنه في خلال ثلاثمائة عام تعززت الكنيسة الأورثوذكسية، ونمت وتقوت على مثال الكنيسة البيزنطية، عندما كانت في أوج مجدها، وقد أدخلت على المدارس اللاهوتية إصلاحات عديدة جدا، جعلتها لا تخرج في تعاليمها عن حدود تعاليم الإنجيل الشريف.
بيت رومانوف والأسطول
من المسائل الرئيسية التي وجه إليها التفاته مؤسس دولة رومانوف، هي اهتمامه بتعزيز قوات روسيا الحربية.
نحن نعلم حق العلم الخدمات الجليلة التي قامت بها للوطن قواتها الحربية، التي أوصلت حدود روسيا على عهد خلف ميخائيل ثيودورفيتش من بحر البلطيق حتى المحيط الهادي.
إن الوقت المضطرب المظلم انتهى بانتخاب الملك الشاب ميخائيل، الذي وحد الأمة ووفق بينها.
وفي 1642 امتدت علاقات روسيا مع إيران وهولاندا وإنكلترا، الأمر الذي جعل مملكة موسكو توجه التفاتها إلى أهمية الأسطول، وقد شرع بذلك الملك الهادئ أليكسي ميخايلوفيتش ومساعده ذو الرأي الثاقب والفكر الصائت أوردين ناشوكين، الذي كتب عنه المستر كولينس الإنكليزي ما يأتي: الآن ناشوكين يعمل بجد ونشاط في إصلاح وتنقيح القوانين الروسية، وترتيب إدارة المملكة، وهذا الرجل نزيه شريف المبادئ، ولا يمكن ابتياع ذمته، لا يعرف الملل في الأعمال، ويحب الملك حبا يشبه العبادة.
Unknown page