وفي ليلة الأعياد الكبيرة يذهب لحضور الصلاة عند الساعة السابعة ونصف مساء، وفي أيام الأعياد يحضر خدمة القداس الإلهية عند الساعة الحادية عشرة صباحا.
إن جميع الأعمال الخاصة بشئون المملكة يعملها جلالته منفردا، وليس لجلالته مستشارون يساعدونه على الأعمال، وإنما يساعده أحيانا بعض أشخاص، أو بعض موظفي البلاط الذين يعهد إليهم بعض الأعمال، كوضع تلغرافات الشفرة أو يبيضون بعض الرسائل وغير ذلك.
قال مرة جلالته لبعضهم: إني أشتغل ثلاثة أضعاف ما يشتغله الرجل، فاشتغل أنت ضعفيه.
إن أنجال جلالته يستيقظون باكرا مثل والدهم، ولكنهم يقضون زمن الصباح في الدور العلوي، وأما جلالته فإنه يكون في الدور الأسفل، وأحيانا قليلة يحضرون عند والدهم لتحيته تحية الصباح، ولكن يرونه كل يوم على طعام الفطور. ثم إن جلالته قبل أن ينام أنجاله يودعهم واحدا واحدا، ويرسم على كل واحد منهم علامة الصليب ويقبله.
تقدم أن الإمبراطور يتناول الطعام مع أفراد أسرته الكريمة، وقبل الأكل وبعده يرسمون على صدورهم علامة الصليب، وفي نهاية الطعام ينهض كل واحد منهم ويشكر والديه، وفي خلال الطعام يكون الحديث ممنوعا بشأن الأعمال، وأحيانا كثيرة يمازح القيصر ضيوفه، ويطلب من كل واحد أن يروي ملحة أو فكاهة، أو يصرح بما يخالج ضميره بكل حرية، وأحيانا يلقي الأحاجي على الحاضرين. وبالجملة فإنه يحب قضاء وقت الراحة بالصفاء والمباسطة والانشراح.
قلنا إن القيصر بعد الطعام يقرأ على مسامع جلالة القيصرة بعض الكتب، الأمر الذي يسرها كثيرا، وأغلب الكتب التي يطالعها جلالته من مؤلفات وبنات أفكار الكتاب الروسيين، ويحب مطالعة مؤلفات الكاتب الروسي المعروف غوغول، والقيصر واقف تمام الوقوف على مؤلفات غوربونوف، ويحسن جلالته الكتابة باللغة الروسية واللغات الأجنبية، وكذلك يحب التاريخ الروسي، وهو رئيس للجمعية التاريخية المعروفة باسم جمعية إسكندر الثالث.
إن القيصر نقولا الثاني يحافظ محافظة شديدة على عادات ومبادئ أسلافه العظام، ويحترمها احتراما شديدا، ويوالي درسها. وفي خلال ساعات الراحة يستعمل كثيرا من الوقت في محادثة ولي عهده، وتدريبه على العمل. والإنسان إذا أمعن النظر في الأعمال التي يعملها جلالته، يندهش دهشا شديدا، فإنه يعلم حق العلم أنه مع كثرة الأعمال لا يشكو الملل، ولكنه يجدد قواه العقلية التي تنهكها الأعمال بالرياضة، وتمرين أعضاء الجسم، والمشي، وركوب الجياد والزوارق، واللعب بكرة القدم، وغيرها من الألعاب الرياضية. وهو ماهر في السباحة، لدرجة أنه لا يستطيع مجاراته فيها أحد، فيمكث تحت الماء عدة دقائق، كما أنه ماهر بإطلاق الرصاص وإصابة المرمى.
إن جميع أفراد حاشيته من الروسيين، وفي مطبخ البلاط تطبخ الأطعمة الروسية فقط - وعد المؤلف أنواعها - ويتناول جلالته أيضا الشمبانيا الروسية، وفي أيام الصيامات تنقطع جميع أفراد العائلة القيصرية عن جميع أنواع الملاهي، وتعيش بسكينة وإمساك النفس، وفي الأسبوع الأول والرابع والسابع من الصيام يأكلون المأكولات الصومية. وكل معيشة القيصر وأسرته تدل بوضوح على الطهارة، واستقامة الرأي، والتمسك بالمذهب الأورثوذكسي كل التمسك.
أما صاحبة الجلالة القيصرة أليكساندرا ثيودورفنا، فإنها تسير على خطة زوجها العظيم، ومتفقة معه اتفاقا تاما على إدارة المملكة، وتشاطره كثيرا من الأتعاب، وهي فوق ذلك مثال للأمهات في تربية الأولاد، وإدارة شئون المنزل، فإنها تخيط بيديها الكريمتين ملابس أولادها، وتعمل في المنزل، وقلما يعمل القيصر عملا بدون استشارة القيصرة. وبوجه الإجمال فإن جلالتها جوهرة كريمة، بل هي مثال الفضائل والكمالات.
صاحبة الجلالة والعظمة
Unknown page