كالشيخ ناصيف اليازجي وجبرائيل الدلال وكان ينظم النظم الحسن وله ديوان لم يطبع. فمن قوله بيتان في تاريخ ظهور جريدة السلام في الأستانة سنة (١٣٠٢ - ١٨٨٤):
نُشرت صحيفُتنا السلامُ ونشرُها ... قد طاب يا أهل الوفاء لديكمُ
إن ظنَّ بالخبر الصحيح مؤرخُ ... يتلو حوادثهُ السلامُ عليكُم
ويروى له في فتاة لبست ثوبًا ورديًا:
وردَّية الخد بالوردي قد خطرت ... تميسُ تيهًا وتثني القدَّ إعجابا
لم يكفِ قامتها الهيفاء ما فعلت ... حتى اكتست من دم الطلاَّب أثوابا
الكونت رشيد الدحداح
وفي هذه المدة انطفأ سراج حياة أحد وجهاء اللبنانيين في فرنسة. أعني الكونت رشيد الدحداح. وليس هو أول من امتاز بين المشايخ الدحادحة بذكاء عقله وآدابه في القرن التاسع عشر. فإن تاريخ لبنان ذكر منهم كثيرين نالوا شهرة في دواوين الكتاب كالشيخ سلوم الدحداح وأخيه الشيخ ناصيف كاتبي الأمير يوسف الشهابي في جهات طرابلس ثم عاملي الأمير بشير. وكالشيخ منصور الدحداح ابن سلوم مدير الأمور في لبنان مدة (توفي سنة ١٨٦١) . وكالشيخ أمين الدحداح رئيس الكتبة عند الأمير حيدر وقد ألف تآليف أدبية منها رسائل وحكم ومراثٍ. وكالشيخ يوسف ابنه من شعراء زمانه توفي قبل والده سنة ١٨٥٠ وغيرهم من فرسان القلم.
إلا أن الشيخ رشيد فاق الجميع. ولد سنة ١٨١٣ في قرية عرامون كسروان ثم درس في عين ورقة. وفي سنة ١٨٣٨ اختار الأمير أمين الشهابي ابن الأمير بشير كابتًا لأسراره. ثم خدم لبنان في مناصب شتى لولا أنه وجد في وطنه من سوء المعاملات وأسباب العداء ما حمله إلى أن يغترب إلى البلاد فانتقل إلى مرسيلية سنة ١٨٤٥ في صحبة الشيخ مرعي الدحداح الذي كان عاد إلى سورية بعد فتحه هناك محلًا تجاريًا. فرافقه الشيخ رشيد واقترن بابنته وشاركه في الشغل إلى السنة ١٨٥٢ حيث فتح محلًا تجاريًا لحسابه مع أخيه سلوم. لكنه بعد حين انقطع إلى خدمة العلم والآداب معرضًا عن التجارة فأنشأ جريدة برجيس باريس وحظي لدى الحكومة