47

ومرعاها، والجبال أرساها، بل ذلك عندي هو الصواب من القول في ذلك، وذلك أن معنى الدحو غير معنى الخلق، وقد قال الله عز وجل: «أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها.

والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها» .

فإن قال قائل: فإنك قد علمت أن جماعة من أهل التأويل قد وجهت قول الله: «والأرض بعد ذلك دحاها» إلى معنى مع ذلك دحاها، فما برهانك على صحة ما قلت، من أن ذلك بمعنى بعد التي هي خلاف قبل؟

قيل: المعروف من معنى بعد في كلام العرب هو الذي قلنا من أنها بخلاف معنى قبل لا بمعنى مع، وإنما توجه معاني الكلام إلى الأغلب عليه من معانيه المعروفة في أهله، لا إلى غير ذلك.

وقد قيل: إن الله خلق البيت العتيق على الماء على أربعة أركان، قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام، ثم دحيت الأرض من تحته.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: وضع البيت على الماء على أربعة أركان، قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام، ثم دحيت الأرض من تحت البيت.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر، قال: خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة، ومنه دحيت الأرض.

وإذا كان الأمر كذلك كان خلق الأرض قبل خلق السموات، ودحو

Page 49