205

Kitab al-Taʾrih

كتاب التأريخ

Publisher

دار صادر

Publisher Location

بيروت

ثم اقبل جذيمة الأبرش فتكهن وعمل صنمين يقال لهما الضيزنان فاستهوى أحياء من أحياء العرب حتى صار بهم إلى ارض العراق وبها دار أياد بن نزار وكانت ديارهم بين ارض الجزيرة إلى ارض البصرة فحاربوه حتى إذا صار إلى ناحية يقال لها بقة على شط الفرات بالقرب من ألا نبار وكان يملك الناحية امرأة يقال لها الزباء وكانت شديدة الزهادة في الرجال فلما صار جذيمة إلى ارض ألا نبار واجتمع له من أجناده ما اجتمع قال لأصحابه أني قد عزمت على أن أرسل إلى الزباء فأتزوجها وأجمع ملكها إلى ملكي فقال غلام له يقال له قصير أن الزباء لو كانت ممن تنكح الرجال لسبقت إليها فكتب إليها إليه فكتب أليها فكتبت أليه أن اقبل إلي أزوجك نفسي فارتحل إليها فقال له قصير لم أر رجلا يزف إلى امرأة قبلك وهذه فرسك العصا قد صنعتها فاركبها وانج بنفسك فلم يفعل فلما دخل عليها كشفت عن فخذها فقالت ادأب عروس ترى قال دأب فاجرة بظراء غادرة فقطعته الزباء وركب قصير الفرس العصا ونجا

ولما قتل جذيمة ملك مكانه ابن أخته عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم فقال قصير لعمرو لا تعصني أنت قال قل ما بدا لك قال اجدع انفي واقطع أذني وخلني ففعل ذلك فصار إلى الزباء وقال أني كنت من النصح لجذيمة على ما رأيت ولعمرو ابن أخته حتى ملكته فكان جزائي عنده أن فعل بي ما ترين فجئتك لأكون في خدمتك ولعل الله أن يجري قتل عمرو على يدك .

ولم يزل يحتال لها حتى وجهته في تجارة فأتاها بأموال كثيرة مرة بعد مرة فأعجبها ذلك فوثقت به فلما استحكمت ثقتها به صار إلى عمرو فقال اقعد الرجال في الصناديق فحمل أربعة آلاف رجل على ألفي جمل معهم السيوف ثم أدخلهم مدينتها وفيهم عمرو وفرق الصناديق في منازل أصحابها وادخل عدة منها دارها فلما كان الليل خرجوا وقتلوا الزباء وخلقا من أهل مملكتها وملك عمرو بن عدي خمسا وخمسين سنة .

ثم ملك امرؤ القيس بن عمرو خمسا وثلاثين سنة .

ثم ملك أخوه الحارث بن عمرو سبعا وثمانين سنة .

ثم ملك عمرو بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي أربعين سنة .

ثم ملك المنذر بن امرئ القيس وهو محرق وانما سمي محرقا لأنه اخذ قوما حاربوه فحرقهم فسمي لذلك محرقا .

ثم ملك النعمان وهو الذي بنى الخورنق فبينما هو جالس ينظر منه إلى ما بين يديه من الفرات وما عليه من النخل والأجنة والأشجار إذ ذكر الموت فقال : وما ينفع هذا مع نزول الموت وفراق الدنيا فتنسك واعتزل الملك وإياه عنى عدي بن زيد حيث يقول

Page 209