Tarbiya Wa Taclim Fi Islam
التربية والتعليم في الإسلام
Genres
ويقول السبكي في الرد على أستاذه الذهبي لزعمه أن نظام الملك هو أول من بنى المدارس في الإسلام: «... وليس كذلك؛ فقد كانت المدرسة البيهقية بنيسابور
164
قبل أن يولد نظام الملك، والمدرسة السعيدية بنيسابور أيضا بناها الأمير نصر بن سبكتكين أخو السلطان محمود لما كان واليا بنيسابور، والمدرسة الثالثة بنيسابور بناها أبو سعد إسماعيل بن علي بن المثنى الاسترابادي الواعظ الصوفي شيخ الخطيب،
165
ومدرسة رابعة بنيسابور أيضا بنيت للأستاذ أبي إسحق الإسفرائيني. وقد قال الحاكم في ترجمة الأستاذ: لم يبن بنيسابور قبلها، يعني مدرسة الأستاذ، مثلها، وهذا صحيح في أنه بني قبلها في غيرها ...»
166
فهذه النصوص تدل على أنه قد كانت في القرنين الرابع وأوائل الخامس مدارس، وأن نظام الملك السلجوقي لم يكن أول من أوجد هذا النوع من المعاهد على ما سنفصله بعد، ونريد هنا أن نذكر أن المدرسة كانت موجودة ومعروفة في القرن الرابع، وأنها كانت مكانا خاصا بالتدريس غير «المسجد» و «الكتاب» و«دار العلم» و«دار الحكمة». ونحن وإن كنا لا نعرف شيئا ذا خطر عن «المدرسة» في ذلك الحين ولا عن ترتيبها وتنظيمها وما يدرس فيها، ولكن يغلب على ظننا أنها كانت أمكنة خاصة بالتعليم والمعلمين يدرسون فيها، وربما كانت فيها غرف يسكنها الطلاب الغرباء، وربما سكن فيها بعض الشيوخ أيضا. وأن هذه المدارس قد كانت تتمتع ببعض الأحوال في سبيل الهدف الذي أنشئت من أجله، وخصوصا تلك التي بناها بعض الأمراء كمدرسة نصر بن سبكتكين والمدرسة الجليلة التي بنيت لأبي إسحق الإسفرائيني، وأن هذا النوع من المعاهد كان منتشرا في العالم الإسلامي وفي الشرق وبنيسابور بصورة خاصة. أما في مصر والمغرب والأندلس فلم نعثر على نصوص تفيد أن شيئا من هذه المعاهد كان موجودا قبل العصر الأيوبي.
قال ابن خلكان في ترجمة الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب: ولما ملك السلطان صلاح الدين الديار المصرية لم يكن فيها شيء من المدارس، فإن الدولة المصرية كان مذهبها مذهب الإمامية فلم يكونوا يقولون بهذه الأشياء، فعمر في القرافة الصغرى المدرسة المجاورة لضريح الإمام الشافعي - رضي الله عنه - وبنى مدرسة في القاهرة في جوار المشهد المنسوب للحسين بن علي وجعل عليها وقفا كبيرا، وجعل دار سعيد السعداء خادم المصريين خانقاه ووقف عليها وقفا طويلا، وجعل دار العباس المذكور في ترجمة الظافر العبيدي والعادل بن السلار مدرسة للحنفية وعليها وقف جيد كبير، والمدرسة التي بمصر والمعروفة بزين التجار وقفا على الشافعية ووقفها جيد أيضا، وبنى بالقاهرة داخل القصر مارستانا وله وقف جيد، وله مدرسة بالقدس وقفها كثير، وخانقاه بها أيضا، وله بمصر مدرسة للمالكية ...
167
ويذهب المؤرخان المصريان المقريزي والسيوطي مذهب ابن خلكان في أن مصر لم يكن بها مدارس قبل الدولة الصلاحية،
Unknown page