Tarbiya Fi Islam
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genres
أما أهل الأندلس فمذهبهم تعليم القرآن والكتاب من حيث هو، وهذا هو الذي يراعونه في التعليم، إلا أنه لما كان القرآن أصل ذلك، وأسه، ومنبع الدين والعلوم، جعلوه أصلا في التعليم، فلا يقتصرون لذلك عليه فقط، بل يخلطون في تعليمهم الولدان رواية الشعر في الغالب والترسل وأخذهم بقوانين العربية وحفظها وتجويد الخط والكتابة. ولا تختص عنايتهم بالقرآن دون غيره، بل عنايتهم بالخط أكثر من جميعها إلى أن يخرج الولد من عمر البلوغ إلى الشبيبة. (3)
وأما أهل إفريقية فيخلطون في تعليمهم للولدان القرآن بالحديث في الغالب ...
إلا أن أكثر عنايتهم بالقرآن واستظهار الولدان إياه ووقوفهم على اختلاف رواياته وقراءته مما سواه، وعنايتهم بالخط تبع لذلك. (4)
وأما أهل المشرق فيخلطون في التعليم كذلك على ما يبلغنا، ولا أدري بم عنايتهم منها، والذي ينقل لنا أن عنايتهم بدراسة القرآن وصحف العلم وقوانينه في زمن الشبيبة، ولا يخلطونه بتعليم الخط، بل لتعليم الخط عندهم قانون ومعلمون له على انفراد كما تتعلم سائر الصنائع، ولا يتداولونها في مكاتب الصبيان.
ونخلص من هذا إلى أن جميع الأقطار تبدأ بتعليم القرآن، ثم أهل المغرب يقتصرون عليه، ويخلط أهل إفريقية القرآن بالحديث والخط، ويهتم أهل الأندلس مع القرآن بعلوم العربية والخط، ويخلط أهل المشرق أيضا في التعليم فيضيفون إلى القرآن بعض العلوم، ولا يهتمون بالخط في الكتاتيب.
أما أبو بكر ابن العربي
فلا يصف طريقة التعليم المتبعة، ولكنه يذكر ما يرى أنه الواجب، وقد لخص ابن خلدون رأيه فقال: «وقد ذهب القاضي أبو بكر ابن العربي في كتاب رحلته إلى طريقة غريبة في وجه التعليم، وأعاد في ذلك وأبدأ، وقد قدم تعليم العربية والشعر على سائر العلوم كما هو مذهب أهل الأندلس ... ثم ينتقل منه إلى الحساب ... ثم ينتقل إلى درس القرآن ... ثم قال: «ويا غفلة أهل بلادنا في أن يؤخذ الصبي بكتاب الله في أول أمره يقرأ ما لا يفهم».»
22
وفي تعليق ابن خلدون على كلام ابن العربي ما يدل على أن هذه الطريقة غير متبعة، قال: «وهو لعمري مذهب حسن، إلا أن العوائد لا تساعد عليه.»
قال ابن العربي في كتاب (القواصم والعواصم) يصف التعليم بالأندلس: «فصار الصبي عندهم إذا عقل، فإن سلكوا به أمثل طريقة لهم علموه كتاب الله، فإذا حذقه نقلوه إلى الأدب، فإذا نهض منه حفظوه الموطأ، فإذا لقنه نقلوه إلى المدونة ...»
Unknown page