Al-tarbiya fī al-Islām: Al-taʿlīm fī raʾy al-Qābisī
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genres
قال: ولا بأس للمعلم أن يشتري لنفسه ما يصلحه من حوائجه إذا لم يجد من يكفيه. ولا بأس أن ينظر في العلم في الأوقات التي يستغني الصبيان عنه، مثل أن يصيروا إلى الكتاب وإملاء بعضهم على بعض، إذا كان ذلك منفعة لهم، فإن هذا قد سهل فيه بعض أصحابنا.
وسئل مالك عن المعلم يجعل للصبيان عريفا، فقال: إن كان مثله في نفاذه، فقد سهل في ذلك إذا كان للصبي في ذلك منفعة. وسمعته يقول: تنازع المغيرة بن شعبة وابن دينار - وكلاهما من علماء الحجاز - عن صبي يختم القرآن عند المعلم فيقول الأب: إنه لا يحفظ، فقال المغيرة: إذا كان أخذ القرآن كله عنده وقرأه الصبي كله نظرا في المصحف وأقام حروفه، فإن أخطأ منه اليسير الذي لا بد منه مثل الحروف ونحوها، فقد وجبت للمعلم الختمة، وهو على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، وهو الذي أحفظ من قول مالك.
وقال ابن دينار: سمعت مالكا يقول: تجب للمعلم الختمة على قدر يسر الرجل وعسره، يجتهد في ذلك ولي النظر للمسلمين.
وأرى أنه إذا تنازع الأب والمعلم في الصبي، أنه لا يعلم القرآن، فإنه إذا قرأ منه نظرا من الموضع الذي لو كان أخذه عنده مفردا وجبت له الختمة، قضيت له بها، ولا أبالي ألا يقرأ غير ذلك؛ لأنه لو لم يأخذه عنده، لم يسأل هذا المعلم عنه. وأجمعوا جميعا على أنه إذا أخذ عنده الثلث إلى سورة البقرة أن الختمة واجبة، إذا عرف أن يقرأه كما وصفت لك، ولا يسأل عن غير ذلك مما لم يكن أخذه عنده.
وسئل عن المعلم يستأجر على تعليم الصبيان فيموت، فقال: إذا مات انفسخت الإجارة، وكذلك إذا مات أحد الصبيان انفسخ من الإجارة بقدر ما بقي من إجارة مثل الصبي، وقد قيل إن الإجارة لا تنفسخ وأن على المعلم فيما له مقاصة في التعليم، وعلى أبي الصبي أن يأتي بمن يعلمه تمام السنة، وإلا كانت له الإجارة كاملة.
قال محمد: الأول كلام عبد الرحمن وعليه العمل، وإنما ذلك بمنزلة الراحلة بعينها، إذا هلكت انفسخ الكراء، ولا يجوز أن يأتي بمثلها، ولا يشترط عليه ذلك. والله أعلم.
وسمعته يقول: قال أصحابنا جميعا - مالك والمغيرة وغيرهما: تجب للمعلم الختمة ولو استؤجر شهرا شهرا، أو على تعليم القرآن بأجر معلوم، ولا يجب له غير ذلك. وقالوا: إذا استظهر الصبي القرآن كله كان له أكثر في العطية للمعلم ممن إذا قرأه نظرا، وإذا لم يتهج الصبي ما يملى عليه، ولا يفهم حروف القرآن، لم يعط المعلم شيئا، وأدب المعلم ومنع من التعليم إذا عرف بهذا، وظهر تفريطه.
ما جاء في إجارة المصحف وكتب الفقه وما شابهها
قال سحنون: قلت لابن القاسم: أرأيت المصحف أيصح أن يستأجر ليقرأ فيه؟ فقال: لا بأس به لأن مالكا قال: لا بأس ببيعه. ابن وهب عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عمارة بن عرفة عن ربيعة قال: لا بأس ببيع المصحف، وإنما يباع الحبر والورق والعمل.
ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر أن ابن مصيح كان يكتب المصاحف في ذلك الزمان ويبيعها. أحسبه قال في زمان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، ولا ينكر عليه أحد؛ ولا رأيت أحدا بالمدينة ينكر ذلك. قال: وكلهم لا يرون به بأسا.
Unknown page