Tarbiya Fi Islam
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genres
وأهم هذه العلوم: القرآن، فهو المحور الذي يدور عليه التعليم في الكتاب، وهو السبيل في ظهور الكتاتيب، وهو همزة الوصل بين المعلم والتلميذ.
ثم برزت مشكلتان: الأولى أخذ الأجر على تعليم القرآن، وهل يجوز ذلك أو لا يجوز. والثانية قبول المعلم الأجر على علوم أخرى غير القرآن.
وهنا نرى أن قضية أجر المعلم عند المسلمين تختلف عن مثلها عند سقراط؛ فقد آثر سقراط الامتناع عن تناول الأجر لغاية خلقية وإنسانية وروحية، فعنده أن الوصول إلى الحقيقة، ثم نشرها وإذاعتها بين الناس لا يتم على الوجه الصحيح الذي نصل فيه إلى الحقيقة الخالصة، إلا إذا ابتعد المعلمون عن شوائب المادة.
أما المسلمون فلم يكن همهم الوصول إلى الحقيقة والبحث عنها؛ لأن القرآن كتاب الله المنزل على عباده فيه جماع الحقائق وغاية المعارف. ومن أراد الوصول إلى الحق فليحفظ القرآن ويع ما فيه. فهل يؤجر من يعلم القرآن؟
فمسألة الأجر نشأت عن علة دينية وعن تعليم القرآن بالذات.
وقد اختلف الفقهاء فيما بينهم على أخذ الأجر على تعليم القرآن. ولكل فقيه وجهة نظر يعتمد عليها في الحكم. وقد كانت هذه المسألة موضع خلاف شديد؛ لأنها تمس القرآن وهو أقدس الأشياء عند المسلمين، ولهذا السبب أفاض القابسي في عرض وجهات النظر المختلفة وانتهى إلى ترجيح رأي القائلين بجواز أجر المعلم.
والذين يكرهون أخذ الأجر على تعليم القرآن يعتمدون على حجج ثلاث:
الأولى: «أن القرآن يعلم لله، فلا ينبغي أن يؤخذ عنه عوض.» وهذه الحجة دينية تطالب المعلمين أن يعلموا في سبيل الله.
والثانية: «أن أئمة المسلمين في صدر الأمة، ما فيهم إلا من قد نظر في جميع أمور المسلمين بما يصلحهم في الخاصة والعامة، فلم يبلغنا أن أحدا منهم أقام معلمين يعلمون للناس أولادهم من صغرهم في الكتاتيب، ويجعلون لهم على ذلك نصيبا من مال الله.» 32-ب.
وهذه حجة تعتمد على التقاليد الموروثة، وعلى العادات التي كانت تصدر عن السلف الصالح. وأعمال أئمة المسلمين حجة على غيرهم وأصل من أصول الدين.
Unknown page