Taqrib Li Hadd Mantiq
التقريب لحد المنطق
Investigator
إحسان عباس
Publisher
دار مكتبة الحياة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٩٠٠
Publisher Location
بيروت
وهو ما كان سريع الزوال كالغضب الحادث والطرب الحادث وحمرة الخجل وصفرة الفزع والقيام والعقود وما أشبه ذلك؛ والثاني يسمى " هيئة " وهو ما لم يعهده زائلا عما هو فيه، إلا أن يتوهم زواله ويبقى الذي هو فيه بحسبه: كطبع الشح وطبع النزق وطبع السخف وكزرقة الأزرق وفسطة الأفطس وما أشبه ذلك.
وأما الكيفية الجسمانية فهي تع تحت الحواس وهي تنقسم: احدهما يحيل ضده إذا لاقاه إلى طبعه فيسمى ذلك " فاعلا " وهذا كالحر والبرد، فان الحر إذا لاقى بردا لا يقاومه أكسب حامله حرا، والبرد إذا لاقى حرا لا يقاومه أكسب حامله حرا. والقسم الثاني يضعف عن هذا الأمر منه ويكثر فيه فعل القسم الأول، فيسمى هذا القسم الثاني " منفعلا " وذلك مثل الرطوبة واليبس فان الحر إذا لاقى رطبا أيبسه، وقد يرطبه أيضا، بأن تصعد إليه رطوبة.
ووقوع الكيفية الجسمانية تحت الحواس ينقسم خمسة أقسام: أحدها ما يدرك بحس البصر، والثاني ما يدرك بحس السمع، والثالث ما يدرك بحس الشم، والرابع ما يدرك بحس الذوق، والخامس ما يدرك بحس اللمس باليد أو بجميع الجسد. وكل هذه الحواس موصلات إلى النفس، والنفس هي الحساسة المدركة من قبل هذه الحواس المؤدية إليها. وهذه الحواس إلى النفس كالأبواب والأزقة والمنافذ والطرق. ودليل ذلك أن النفس إذا عرض لها أو شغلها شاغل بطلت الحواس كلها، مع كون الحواس سليمة، فسبحان المدبر، لا إله إلا هو.
وأما الذي يدرك البصر فينقسم قسمين: أحدهما ما يدرك بالنظر بالعين مجردا فقط، وليس ذلك شيئا غير الألوان، والثاني ما ادركته النفس بالعقل والعلم وبتوسط اللون واللمس أو بها جميعا، كتناهي الطول والعرض، وشكل كل ذي شكل من مدور ومربع وغير ذلك، والحركة أو السكون أو [٢٤ ظ] ضخم الجسم وضؤولته، وما أشبه ذلك. فانك لما رأيت اللون قد انتهى بتناهيه من كل جهة، علمت كيفية شكل ذلك الجرم، وكذلك لما رأيت اللون منتقلا من مكان إلى مكان علمت ان الحامل له منتقل ناقل له، وكذلك
1 / 55