ابن الدَّبِيثي أنه قال: سمعتُ تَمِيمَ بنَ البَنْدَنِيجي يقول: أبو الفضل خطيبُ المَوْصِلِ ثقةٌ صحيحُ السماعِ، أدخَلَ عليه محمَّدُ بنُ عبد الخالق في حديثِهِ أشياءَ لم يَسْمَعها، وكان قد دخَلَ عليه ولاطَفَهُ بأجزاء ذكَرَ أنه نَقَلَ سماعَهُ فيها مِنْ مِثْلِ طِرَادٍ، والنِّعَالِيِّ، وابنِ البَطِرِ، وهؤلاءِ قد سَمِعَ منهم أبو الفَضْل، فَقَبِلَهَا منه وحدَّث بها اعتمادًا على نقل محمد له، وإحسانِ الظَّنِّ به، فلمَّا عَلِمَ كذبَ محمَّد، طُلِبَتْ أصولُ الأجزاء التي حَمَلَها إليه، فلم تُوجَدْ، واشتهَرَ أمرُهُ، فلم يعبأِ الناسُ بِنَقْله، وترَكَ خطيبُ الموصلِ كُلَّ ما شَكَّ فيه، وحَذَّر مِنْ روايةِ ما شَكَّ فيه.
قال الذهبي: «قلتُ: وبعد ذلك جمَعَ خطيبُ المَوْصِلِ مشيختَهُ المشهورةَ، وخرَّجها من أصوله» .
وذكر الخَلِيلي (١) عن ابن عدي: أنَّ رجلًا حدَّث عند زكريا بن يحيى الساجي بحديثَيْنِ عن أحمدَ بنِ عبد الرحمن ابنِ أخي عبد الله بن وَهْب، عن عمِّه عبد الله بن وَهْب، عن الإمامِ مالك، عن الزُّهْري، فقال ابن عدي: هذان الحديثان مِنْ حديثِ ابْنِ وَهْب، عَنْ يونس، عن الزُّهْري، لا عن مالك، فأخَذَ الساجي كتابَهُ، فتأمَّلْ، وقال لابنِ عدي: هذا كما قلتَ، وقال للرَّجُل: ممَّن أَخَذْتَ هذا؟ فأحال على بعض أهلِ البَصْرة، فقال الساجي: عَلَيَّ بصاحبِ الشُّرطة حتى أُسَوِّدَ وجه هذا! فكلَّموه وتشفَّعوا، حتى عفا عنه، ثم مزَّقَ الكتابَ.
(١) في "الإرشاد" (١/٤٠٨) .