459

Tanzīh al-sharīʿa al-marfuʿa ʿan al-akhbār al-shanīʿa al-mawḍūʿa

تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة

Editor

عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1399 AH

Publisher Location

بيروت

السَّيْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِبِلِهِ، وَهُوَ يَخْشَى مِنْ خَوْضِ الْمَاءِ لِقُوَّةِ السَّيْلِ، فَعَلِمْتُ حَالَهُ فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ وَحَمَلْتُهُ وَخُضْتُ السَّيْلَ إِلَى عِنْدِ إِبِلِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ سَابِقَةٍ فَلَمَّا وَضَعْتُهُ عِنْدَ إِبِلِهِ نَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ لِي بِالْعَرَبِيَّةِ: بَارَكَ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ بَارَكَ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ بَارَكَ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ فَتَرَكْتُهُ وَمَضَيْتُ إِلَى حَالِ سَبِيلِي إِلَى أَنْ دَخَلْنَا مَكَّةَ وَقَضَيْنَا مَا أَتَيْنَا لَهُ مِنَ التِّجَارَةِ وَعُدْنَا إِلَى الْمَوْطِنِ فَلَمَّا تَطَاوَلَتِ الْمُدَّةُ عَلَى ذَلِكَ كُنَّا جُلُوسًا فِي فِنَاءِ ضَيْعَتِنَا هَذِهِ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ لَيْلَةِ الْبَدْرِ وَالْبَدْرُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ إِذْ نَظَرْنَا إِلَيْهِ وَقَدِ انْشَقَّ نِصْفَيْنِ فَغَرَبَ نِصْفًا بِالْمَشْرِقِ وَنِصْفًا بِالْمَغْرِبِ فَأَظْلَمَ اللَّيْلُ ثُمَّ طَلَعَ النِّصْفُ مِنَ الْمَشْرِقِ وَالثَّانِي مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى أَنِ الْتَقَيَا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ كَمَا كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَتَعَجَّبْنَا مِنْ ذَلِكَ غَايَةَ الْعَجَبِ، وَلَمْ نَعْرِفْ لِذَلِكَ سَبَبًا فَسَأَلْنَا الرَّكْبَ عَنْ خَبَرِ ذَلِكَ وَسَبَبِهِ، فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَجُلا هَاشِمِيًّا ظَهَرَ بِمَكَّةَ وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى كَافَّةِ الْعَالَمِ وَأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوهُ مُعْجِزَةً كَمُعْجِزَةِ سَائِرِ الأَنْبِيَاءِ وَأَنَّهُمُ اقْتَرَحُوا عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ الْقَمَرَ فَيَنْشَقَّ فِي السَّمَاءِ وَيَغْرُبَ نِصْفُهُ فِي الْمَشْرِقِ وَنِصْفُهُ فِي الْمَغْرِبِ ثُمَّ يَعُودَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَفَعَلَ لَهُمْ ذَلِكَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنَ السَّفَّارِ اشْتَقْتُ إِلَى أَنْ أَرَى الْمَذْكُورَ، فَتَجَهَّزْتُ فِي تِجَارَةٍ وَسَافَرْتُ إِلَى أَنْ دَخَلْتُ مَكَّةَ وَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ الْمَوْصُوفِ فَدَلُّونِي عَلَى مَوْضِعِه، فَأَتَيْتُ إِلَى مَنْزِلِه فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَوَجَدْتُه جَالِسًا فِي وَسَطِ الْمَنْزِلِ وَالأَنْوَارُ تَتَلأْلأُ فِي وَجْهِهِ، وَقَدِ اسْتَنَارَتْ مَحَاسِنُهُ وَتَغَيَّرَتْ صِفَاتُهُ الَّتِي كُنْتُ أَعْهَدُهَا فِي السَّفْرَةِ الأُولَى فَلَمْ أَعْرِفْهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ نَظَرَ إِلَيَّ وَتَبَسَّمَ وَعَرَفَنِي وَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلامُ ادْنُ مِنِّي وَكَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَبَقٌ فِيهِ رُطَبٌ وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يُعَظِّمُونَهُ وَيُبَجِّلُونَهُ فَتَوَقَّفْتُ لِهَيْبَتِهِ فَقَالَ يَا بَابَا ادْنُ مِنِّي وَكُلِ، الْمُوَافَقَةُ مِنَ الْمُرُوءَةِ وَالْمُفَارَقَةُ مِنَ الزَّنْدَقَةِ، وَتَقَدَّمْتُ وَجَلَسْتُ وَأَكَلْتُ مَعَهُ مِنَ الرُّطَبِ وَصَارَ يُنَاوِلُنِي الرُّطَبَ بِيَدِهِ الْمُبَارَكَةِ إِلَى أَنْ نَاوَلَنِي سِتَّ رُطَبَاتٍ مِنْ سِوَى مَا أَكَلْتُ بِيَدِي ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ وَتَبَسَّمَ وَقَالَ لِي أَلَمْ تَحْمِلْنِي فِي عَامِ كَذَا أَوْ جَاوَزْتَ بِي السَّيْلَ حِينَ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِبِلِي فَعَرَفْتُهُ بِالْعَلامَةِ وَقُلْتُ بَلَى يَا صَبِيحَ الْوَجْهِ فَقَالَ لِي امْدُدْ يَدَكَ فَمَدَدْتُ يَدِي الْيُمْنَى فَصَافَحَنِي بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَقَالَ لِي قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقُلْتُ ذَلِكَ كَمَا عَلَّمَنِي فَسُرَّ بِذَلِكَ وَقَالَ لِي عِنْدَ خُرُوجِي مِنْ عِنْدِهِ بَارَكَ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ بَارَكَ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ بَارَكَ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ فَوَدَّعْتُهُ وَأَنَا مُسْتَبْشِرٌ بِلِقَائِهِ وَبِالإِسْلامِ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَ نَبِيِّهِ وَبَارَكَ فِي عُمْرِي بِكُلِّ دَعْوَةٍ مِائَةَ سَنَةٍ وَعُمْرِي الْيَوْمَ سِتّمائَة سَنَةٍ وَزِيَادَةٌ وَجَمِيعُ مَنْ فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْعَظِيمَةِ أَوْلادِي وَأَوْلادُ

2 / 41