Tanzih Sharica
تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة
Investigator
عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1399 AH
Publisher Location
بيروت
هَذَا يَا جِبْرِيلُ فَقَالَ: هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ دَائِبٌ فِي قَبْضِ الأَرْوَاحِ، وَهُوَ أَشَدُّ الْمَلائِكَةِ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ مِنْ ذَوِي الأَرْوَاحِ أَوْ هُوَ مَيِّتٌ فِيمَا بَعْدُ هَذَا يَقْبِضُ رُوحَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَيَرَاهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا وَيَشْهَدُهُمْ بِنَفْسِهِ، قَالَ: نَعَمْ: قُلْتُ: كَفَى بِالْمَوْتِ طَامَّةً فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَطَمُّ وَأَعْظَمُ، فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا جِبْرِيلُ قَالَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ يَأْتِيَانِ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنَ الْبَشَرِ حِينَ يُوضَعُ فِي قَبْرِهِ وَيُتْرَكُ وَحِيدًا فَقُلْتُ: أَرِنِيهِمَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ: لَا تَفْعَلْ يَا مُحَمَّدُ فَإِنِّي أَرْهَبُ أَنْ تَفْزَعَ مِنْهُمَا وَتُهَالَ أَشَدَّ الْهَوْلِ وَلا يَرَاهُمَا أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلا يَرَاهُمَا أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ إِلا مَاتَ فَزَعًا مِنْهُمَا وَهُمَا أَعْظَمُ شَأْنًا مِمَّا تَظُنُّ، قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ صِفْهُمَا لِي، قَالَ: نَعَمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَذْكُرَ لَكَ طُولَهُمَا وَذِكْرُ ذَلِكَ مِنْهُمَا أَفْظَعُ غَيْرَ أَنَّ أَصْوَاتَهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَأَعْيُنَهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَأَنْيَابَهُمَا كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، يَخْرُجُ لَهَبُ النَّارِ مِنْ أَفْوَاهِهِمَا وَمَنَاخِرِهِمَا وَمَسَامِعِهِمَا يَكْسَحَانِ الأَرْضَ بِأَشْعَارِهِمَا وَيَحْفُرَانِ الأَرْضَ بِأَظْفَارِهِمَا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَنْ فِي الأَرْضِ مَا حَرَّكُوهُ، يَأْتِيَانِ الإِنْسَانَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُرِكَ وَحِيدًا يُسَلَّطَانِ عَلَيْهِ، فَتُرَدُّ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يُقْعِدَانِهِ فى قَبره، وينتهزانه انْتِهَارًا يَتَقَعْقَعُ مِنْهُ عِظَامُهُ وَتَزُولُ أغظاؤه مِنْ مَفَاصِلِهِ فَيَخِرُّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ يُقْعِدَانِهِ فِي قَبْرِهِ فَيَقُولانِ: يَا هَذَا إِنَّكَ فِي الْبَرْزَخِ فَاعْقِلْ ذَلِكَ، وَاعْرِفْ مَكَانَكَ وَيَنْتَهِرَانِهِ ثَانِيَةً وَيَقُولانِ بِهَذَا قَدْ ذَهَبْتَ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَفْضَيْتَ إِلَى مَعَادِكَ، أَخْبِرْنَا مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا لَقَّنَهُ اللَّهُ حُجَّتَهُ، فَيَقُولُ: رَبِّيَ الله وَنَبِي مُحَمَّد وَدِينِي الإِسْلامُ فَيَنْتَهِرَانِهِ عِنْدَ ذَلِكَ انْتِهَارًا يَرَى أَنَّ أَوْصَالَهُ قَدْ تَفَرَّقَتْ وَعُرُوقَهُ قَدْ تَقَطَّعَتْ، فَيَقُولانِ تَثَبَّتْ يَا هَذَا وَانْظُرْ مَا تَقُولُ، فَيُثَبِّتُ اللَّهُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ، وَيَلْقَاهُ الأَمْنُ وَيُدْرَأُ عَنْهُ الْفَزَعُ حَتَّى لَا يَخَافَهُمَا فَإِذَا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ اسْتَأْنَسَ إِلَيْهِمَا، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا بِالْخُصُومَةِ يُخَاطِبُهُمَا وَيَقُولُ تُهَدِّدَانِي كَيْمَا أَشُكُّ فِي دِينِي أَتُرِيدَانِ أَنْ أَتَّخِذَ غَيْرَهُ وَلِيًّا فَاشْهَدَا أَنْ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبِّي وربكما وَرب كل شئ، وَنَبِي مُحَمَّدٌ وَدِينِي الإِسْلامُ، فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيَسْأَلانِهِ الثَّالِثَةَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَإِيَّاهُ كُنْتُ أَعْبُدُ لَمْ أُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَلَمْ أَتَّخِذْ غَيْرَهُ وَلِيًّا، أَتُرِيدَانِ أَنْ تَرُدَّانِي عَنْ مَعْرِفَةِ رَبِّي وَعِبَادَتِي إِيَّاهُ، وَاللَّهِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ ربى وَرب كل شئ وَنَبِي مُحَمَّدٌ وَدِينِي الإِسْلامُ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مُجَاوَبَةً لَهُمَا تَوَاضُعًا حَتَّى يَسْتَأْنِسَ إِلَيْهِمَا أَحْسَنَ مَا يَكُونُ فِي الدُّنْيَا إِلَى أهل وده
1 / 156