324

Tanzih Quran

تنزيه القرآن عن المطاعن

Genres

وربما قيل في قوله تعالى (لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه) وهو يوم القيامة كيف يصح ان ينذر يوم القيامة والتكليف منقطع؟ وجوابنا ان المراد ينذرهم ما يلقون يوم الجمع وهم يخافون فحال الانذار هو حال التكليف ولذلك قال تعالى (لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير) فبين وجه التخويف في ذلك وقوله تعالى (ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة) المراد ان يلجئهم الى الايمان لكنه لم يشأ الا على وجه الاختيار تعريضا للمثوبة وقوله تعالى من بعد (ليس كمثله شيء) ربما قالوا فيه أن ظاهره يتناقض لانه يقتضى ان لمثله مثلا ولو كان كذلك لما صح النفي لانه يقتضى الاثبات. وجوابنا ان ذلك وإن كان مجازا فهو مؤكد للحقيقة على ما جرت به عادة العرب وهو أوكد من قول القائل ليس مثله شيء وقوله تعالى من بعد (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين) فالمراد به أنه شرع لكل الانبياء أن يقيموا الدين فيما يتصل بالاعتقاد والتوحيد لان ذلك مما لا يقع بينهم فيه خلاف فأما الشرائع المختلفة فلكل منهم دين وما هو دين أحدهم بمنزلة ما هو دين غيره لأنه دين لهم مضاف اليهم ولذلك قال بعده (ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه) فنبه بذلك على ما ذكرنا وقوله (الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) المراد به ويهدي الى رضوانه وثوابه من ينيب فلا تعلق للمخالفين بذلك وقوله تعالى (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم) ربما سألوا فيه وقالوا كيف يؤدي علمهم الى التفرق؟ وجوابنا انه تعالى أراد بالعلم البيان وأنهم تفرقوا بعد البيان وبعد قيام الحجة ويحتمل ان يكون المراد تفرقوا بعد العلم على وجه البغي كما ذكره تعالى والمراد المبطلون دون المحقون.

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم) كيف يصح أن لا يكون له عليهم حجة؟ وجوابنا ان المراد إنا قد بالغنا في إقامة الحجة حتى لم تبق باقية فلا حجة بيننا وبينكم وهذا على وجه التوبيخ وإلا فمعلوم من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يعذر القوم بل له الحجة العظيمة عليهم ولذلك قال بعده (الله يجمع بيننا وإليه المصير) وقال تعالى بعده فيمن يحاج في الله من المبطلين (حجتهم داحضة عند ربهم) ولا يجوز ذلك الا وحجة المحقين ثابتة.

[مسألة]

Page 374