311

Tanzih Quran

تنزيه القرآن عن المطاعن

Genres

وربما قيل في قوله تعالى (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض) إن في هذه الآيات مطاعن منها تسورهم عليه وهم خصمان كيف يصح ومنها انه جمع بقوله تسوروا وثنى بقوله خصمان وبقوله (إن هذا أخي) وبقوله (لقد ظلمك) ومنها ان في الخبر ان ذلك ورد في قصة اوريا ورغبة داود في امرأة أوريا وانه عليه السلام عرضه للقتل رغبة فيها إلى غير ذلك مما يذكره الجهال. وجوابنا ان الصحيح إن كانت تلك المرأة التي رغب فيها قد صارت أيما بلا زوج فخطبها وكان من قبل ذلك خطبها غيره فسكنت اليه ولم يفتش عن ذلك فصار ذلك ذنبا صغيرا وعلى هذا الوجه نهى صلى الله عليه وسلم ان يخطب المرء على خطبة اخيه ويدل على ذلك قوله (وعزني في الخطاب) فنبه بذلك على ما ذكرناه والذي يرويه من لا معرفة له بأحوال الانبياء صلى الله عليهم وسلم لا معتبر به فالله تعالى لا يبعث إلا من هو منزه عن هذه المعاصي حتى انهم لا يقدمون لا على كبيرة ولا على صغيرة يعرفونها قبيحة وإنما عاتبه الله تعالى ونبهه من حيث صار غافلا عن خطبة متقدمة كان يمكنه أن يفتش عنها فلا يقدم على الخطبة بعد تلك الخطبة. فأما التسور فإنه غير قبيح من الملائكة في زمن الانبياء ليكون ما يؤدونه أقرب الى التحريك والتنبيه وأما التثنية والجمع فيجوز في اللغة في هذا المكان فان قوله خصمان يدل على اثنين وقد يذكر ذلك ويراد أكثر بأن يكون مع المتداعيين غيرهما وإنما وصفا بذلك من حيث تصورا بصورة الخصمين كيما ينبها داود عليه السلام. فان قيل كيف قال (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) ولم يعلم صحة ما ادعى. وجوابنا أنه لا بد من أن يكون في الكلام حذف فكأنه قال إن كنت صادقا فقد ظلمك وإلا فالمعلوم أنه لا ظالم هناك وقوله تعالى (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) يدل على ان ذنب داود ليس إلا ما قلناه من أنه رغب في ضم هذه المخطوبة إلى نسائه على الوجه الذي ذكرناه وقوله تعالى (فغفرنا له ذلك) من بعد يدل على ان الذي فعله كان في تلك الشريعة محرما ولو لا ذلك لجوزناه حلالا.

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (إنا جعلناك خليفة في الأرض) ان ذلك يدل على ان تصرفه من خلق الله. وجوابنا أنه إنما يدل على فوض إليه هذه الأمور فأما ما يأتيه من تصرفه فهو فعله ولذلك صار مؤاخذا بذلك الصغير الذي فعله على غفلة ولذلك صح قوله (فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى) لانه إن كان ما يحكم به من خلق الله فكيف يضاف ذلك الى الهوى وكيف يقول تعالى (إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد).

[مسألة]

Page 358