309

Tanzih Quran

تنزيه القرآن عن المطاعن

Genres

وربما قيل في قوله (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى) وقوله من بعد (فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) وقوله من بعد (وفديناه بذبح عظيم) سؤالات منها ما رآه في المنام كيف يلزمه والانبياء إنما تعمل على الوحي ومنها أنه كان يجعل ذلك كالأمر وكيف يصح أن يأمره بذبحه ثم يزول ذلك وهل هذا إلا كالبداء ومنها أنه كان الفداء بذبح فكيف يصح من غير جنس ما جعل فدية له؟ وجوابنا أن رؤيا إبراهيم في المنام يجب أن تكون قد تقررت بما يعلم به أن ذلك بالوحي ولولاه لما قال (فانظر ما ذا ترى) ولما أخذ في ذبحه فإنه إن يفعل فقد مات الذبيح مع شدة إشفاقه على ولده ولذلك قال ولده (افعل ما تؤمر) فلولا علمهما أن هذا أمر من الله لم يصح فأما هذا عندنا فهو أمر بمقدمات الذبح وعظم ذلك عليه لظنه أنه سيؤمر باتمام الذبح لأن العادة جارية بأن الإضجاع وأخذ الآلة لا غرض فيه إلا الذبح فعلى هذا الوجه فعل ما أمر وما ظنه لم يؤمر به فلا يؤدي إلى البداء وقد قيل أنه فعل الذبح لكنه عز وجل كان صرفه عن موضع الذبح وكان تعالى يلهمه فعل ما يفعله الذابح وبقي الذبيح حيا لما فعله الله تعالى وقيل غير ذلك فأما الذبح الذي أمره الله بان يفدي به فذلك صحيح وإن لم يؤمر بالذبح ويكون فداء عما لو أمر به لفعله ولا يجب في الفداء أن يكون من جنس ما يجعل فداء منه ولذلك يصح في الشاة أن يكون ذبحها فداء عن حلق الشعر في المحرم إلى غير ذلك وقوله عز وجل من بعده (وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين) بعد ذكر الامر بالذبح يدل على ان الذبيح هو إسماعيل على ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال أنا ابن الذبيحين.

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا) كيف يصح ذلك ولا احد يجعل بين الله وبين الجنة نسبا؟ وجوابنا انه يحتمل ان يريد الملائكة وقد تقدم ذكرهم لانهم لا يرون كالجن وقد كانوا يقولون في الملائكة انها بنات الله. تعالى الله عن ذلك ويحتمل أنهم عبدوا الجن كما عبدوا الله بأن اطاعوهم ويبين ذلك قوله (ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون) أي في العقاب.

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون) كيف يصح ذلك ومنهم من غلب وقتل؟ وجوابنا ان النصرة ربما تعتبر فيها العاقبة فمن عاقبته محمودة فهو منصور على من غلبه وعاقبته ذميمة فالنصرة أبدا تكون للمطيعين خصوصا ولهم نصرة بالحجة والادلة وغيرهما.

[مسألة]

وربما قيل فيما تقدم من قصة يونس صلى الله عليه وسلم (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) كيف يصح ذلك وظاهره الشك في هذا العدد وفي الزيادة؟ وجوابنا ان المراد به ويزيدون أو بل يزيدون على ما روى عن المفسرين وقد يجوز أن يزيد في منظر عيون من يشاهدهم من دونه ما الله تعالى يعلم عددهم مفصلا.

Page 355