وربما قيل في قوله تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه) كيف يصح في الانبياء أن يكون بعضهم ظالمين وبعضهم مقتصدين وبعضهم سابقين بالخيرات والواجب أن يكون جميعهم من السابقين؟ وجوابنا ان المراد أنه تعالى أورث الكتاب الانبياء الذين بعثهم من جملة عباده والاقسام المذكورة لم ترجع إليهم بل ترجع إلى عبادنا فكأنه قال ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من جملة عبادنا وعبادنا منهم ظالم لنفسه وهم الذين يعصون ربهم بكفر أو فسق ومنهم مقتصد وهو المؤمن التائب الذي لم ترتفع منزلته في باب الثواب ومنهم سابق بالخيرات وهم الذين علت منزلتهم فهذا معنى الكلام وفيه وجوه من الاقاويل لكن الذي ذكرنا أبين وهذه طريقتنا في اقتصار الاجوبة رغبة منا في أن لا يطول وقوله تعالى (ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل) وقوله تعالى لهم (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير) من أقوى ما يدل على أنهم كانوا يقتدرون على الايمان وانهم قصدوا أن لا يختاروا ذلك.
Page 345