الذي بيناه يكون الكلام مختصا غير مشترك فصرنا بالظاهر أولى منهم وصار للمعنى الذي ذهبنا إليه الرجحان على معناه على أن معنى الآية والمقصود منها يدلان على ما ذكرناه حتى أنا لو قدرنا ما ظنه المخالف لكان ناقضا للغرض في الآية وومبطلا لفائدتها لأنه تعالى خبر عن إبراهيم (ع) بأنه قرعهم ووبخهم بعبادة الأصنام واحتج عليهم بما يقتضي العدول عن عبادتهم ولو كان مراده بالآية ما ظنوه من أنه تعالى خلقهم وخلق أعمالهم وقد علمنا أن عبادتهم للأصنام من جملة أعمالهم فكأنه قال والله خلقكم وخلق عبادتكم للأصنام لوجب أن يكون عاذرا لهم ومزيلا للوم عنهم لأن الإنسان لا يذم على ما خلق فيه ولا يعاتب ولا يوبخ وبعد فلو حملنا الآية على ما توهموه لكان الكلام متناقضا من وجه آخر لأنه قد أضاف العمل إليهم بقوله وما تعملون وذلك يمنع من كونه خلقا لله تعالى لأن العامل للشيء هو من أحدثه وأخرجه من العدم إلى الوجود والخلق في هذا الوجه لا يفيد إلا هذا المعنى فكيف يكون خالقا ومحدثا لما أحدثه غيره وعمله على أن الخلق إذا كان هو التقدير في اللغة فقد يكون الخالق خالقا لفعل غيره إذا كان مقدرا له ومدبرا ولهذا يقولون خلق الأديم فيمن قدره ودبره وإن كان ما أحدث الأديم نفسه فلو حملنا قوله وما تعملون على أفعالهم دون ما فعلوا فيه من الأجسام لكان على هذا الوجه صحيحا ويكون المعنى والله دبركم ودبر أعمالكم وإن لم يكن محدثا لها وفاعلا وكل هذه الوجوه واضح لا إشكال فيه بحمد الله تعالى ومنه
يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ع
فإن قيل فما معنى تفضيل يعقوب (ع) ليوسف (ع) على إخوته في البر والتقريب والمحبة حتى أوقع ذلك التحاسد بينهم وبينه وأفضى إلى الحال المكروهة التي نطق بها القرآن حتى قالوا على ما حكاه الله تعالى عنهم ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا
Page 41