من مرضي هذا لأنه فيما عهده إلى رسول الله (ص) أن لا أموت حتى أومر وأقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين وحتى تخضب هذه من هذا وأشار (ع) إلى لحيته ورأسه
وذكر المروي في هذا الباب يطول والأمر في إخباره (ع) بقصة الخوارج وقتاله (ع) لهم وإنذاره بذلك ظاهر جدا مسألة فإن قيل فما الوجه فيما
روي عنه (ع) من قوله : إذا حدثتكم عن رسول الله (ص) فهو كما حدثتكم فو الله لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله (ص) وإذا سمعتموني أحدث فيما بيني وبينكم فإنما الحرب خدعة
أوليس هذا مما نفاه النظام أيضا وقال لو لم يحدثهم عن رسول الله بالمعاريض لما اعتذر من ذلك وذكر أن هذا يجري مجرى التدليس في الحديث الجواب قلنا إن أمير المؤمنين (ع) لفرط احتياطه في الدين وتخشنه فيه وعلمه بأن المخبر ربما دعته الضرورة إلى ترك التصريح واستعمال التعريض أراد أن يميز السامعين بين الأمرين ويفصل لهم بين ما لا يدخل فيه التعريض من كلامه مما باطنه كظاهره وبين ما يجوز أن يعرض فيه للضرورة وهذا نهاية الحكمة منه (ع) وإزالة اللبس والشبهة ويجري مجرى البيان والإيضاح بالضد لما توهمه النظام من دخوله في باب التدليس في الحديث لأن المدلس يقصد إلى الإبهام ويعدل عن البيان والإيضاح طلبا لتمام غرضه وهو (ع) ميز بين كلامه وفرق بين أنواعه حتى لا يدخل الشبهة فيه على أحد وأعجب من هذا كله قوله إنه لو لم يحدث عن رسول الله (ص) بالمعاريض لما اعتذر من ذلك لأنه (ع) ما اعتذر كما ظنه وإنما نفى أن يكون التعريض مما يدخل روايته عن رسول الله (ص) كما أنه ربما دخل ما يخبر به عن نفسه قصدا للإيضاح ونفي الشبهة وليس كل من نفى عن نفسه شيئا وأخبر عن براءته منه فقد فعله وقوله (ع) لأن أخر من السماء يدل على أنه ما فعل ذلك
Page 152