Tanzih al-Ashab ‘an Tanaqqus Abi Turab
تنزيه الأصحاب عن تنقص أبي تراب
Publisher
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genres
النبي ﷺ أقل من رواية من لم يصحب النبي ﷺ إلا مدة يسيرة ولم يكن لهم من الاختصاص بالنبي ﷺ ما كان لأبي بكر وعمر ﵄. فالذي لا يشك فيه أن أبا وعمر ﵄ قد حفظا عن النبي ﷺ علما كثيرا.. ولا يبعد أن يكون ما حفظاه من الحديث أكثر مما حفظه بعض المكثرين من الرواية. ومما يدل على ذلك أن النبي ﷺ أمر أبا بكر ﵁ أن يصلي بالناس في مرضه الذي مات فيه وأنه ﷺ أقره على الصلاة بالناس لما ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم.
وقد قال ﷺ في الحديث الصحيح: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة" فدل على أن أبا بكر ﵁ أعلم بالسنة من جميع الصحابة ﵃. وعلمه بالسنة إنما تكون بكثرة الرواية والحفظ عن رسول الله ﷺ والفهم لأقوال الرسول ﷺ والعلم بأفعاله وسيرته وهديه. وكان ﵁ يفتي ويأمر وينهى في حياة النبي ﷺ ولم يكن يفعل من ذلك شيئا إلا بما علمه من كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ. وكان الصحابة ﵃ في زمن ولاية أبي بكر ﵁ يرجعون إليه في المسائل التي يتنازعون فيها فيفصل بينهم ويرتفع النزاع بينهم بسببه ولم يكن يرجع إليهم إلا في القليل النادر. وهذا يدل على غزارة علمه وكثرة روايته عن النبي ﷺ وأنه كان أكثر الصحابة أو من أكثرهم حفظا لأقوال النبي ﷺ وأفعاله. وقد تقدم ما رواه ابن سعد في الطبقات عن ابن عمر ﵄ أنه سئل من كان يفتي الناس في زمن رسول الله ﷺ فقال أبو بكر وعمر ما أعلم غيرهما.
وأما قلة الرواية عن أبي بكر ﵁ فلها أسباب كثيرة. منها قصر مدته بعد وفاة النبي ﷺ بحيث لم يتمكن الناس من إكثار الرواية عنه.
ومنها أن كبار الصحابة ﵃ كانوا متوافرين في زمن الصديق ﵁ فكان الناس يكتفون بسؤالهم وأخذ الحديث عنهم عن الرجوع إلى الصديق ﵁ لأنه كان مشغولا بالنظر في أمور الرعية عن الجلوس للتحديث.
31 / 63