Tanwīr al-Muqbās min Tafsīr Ibn ʿAbbās
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
Publisher
دار الكتب العلمية
Publisher Location
لبنان
﴿قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من الشدَّة والرخاء ﴿قَدْرًا﴾ أََجَلًا يَنْتَهِي
فَلَمَّا بَين الله عدَّة النِّسَاء اللَّاتِي يحضن قَامَ معَاذ فَقَالَ أَرَأَيْت يَا رَسُول الله مَا عدَّة النِّسَاء اللَّاتِي يئسن من الْمَحِيض فَنزل ﴿واللائي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيض﴾ من الْكبر ﴿مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم﴾ شَكَكْتُمْ فِي عدتهن ﴿فَعِدَّتُهُنَّ﴾ فِي الطَّلَاق ﴿ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ﴾ فَقَامَ رجل آخر فَقَالَ أَرَأَيْت يَا رَسُول الله فِي اللائي لم يحضن للصغر مَا عدتهن فَنزل ﴿واللائي لَمْ يَحِضْنَ﴾ من الصغر فعدتهن أَيْضا ثَلَاثَة أشهر فَقَامَ رجل آخر فَقَالَ أَرَأَيْت يَا رَسُول الله مَا عدَّة الْحَوَامِل فَنزل ﴿وَأُوْلاَتُ الْأَحْمَال﴾ يَعْنِي الحبالى ﴿أَجَلُهُنَّ﴾ عدتهن ﴿أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ ولدهن ﴿وَمَن يَتَّقِ الله﴾ فِيمَا أمره ﴿يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ يهون عَلَيْهِ أمره وَيُقَال يرزقه عبَادَة حَسَنَة فِي سريرة حَسَنَة
﴿ذَلِك أَمْرُ الله﴾ هَذِه أَحْكَام الله وفرائضه ﴿أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ﴾ بَينه لكم فِي الْقُرْآن ﴿وَمَن يَتَّقِ الله﴾ فِيمَا أمره ﴿يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ﴾ يغْفر لَهُ ذنُوبه ﴿وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ ثَوابًا فى الْجنَّة
ثمَّ رَجَعَ إِلَى المطلقات فَقَالَ ﴿أَسْكِنُوهُنَّ﴾ أنزلوهن يَعْنِي المطلقات يَقُول للأزواج ﴿مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم﴾ من أَيْن سكنتم ﴿مِّن وُجْدِكُمْ﴾ من سعتكم على قدر ذَلِك من النَّفَقَة وَالسُّكْنَى ﴿وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ﴾ يَعْنِي المطلقات فِي النَّفَقَة وَالسُّكْنَى ﴿لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ﴾ بِالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فتظلموهن بذلك ﴿وَإِن كُنَّ﴾ المطلقات ﴿أُوْلاَتِ حَمْلٍ﴾ حبالى ﴿فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ﴾ يَعْنِي الزَّوْج ﴿حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ ولدهن ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ﴾ الْأُمَّهَات ولدا لكم ﴿فَآتُوهُنَّ﴾ أعطوهن يَعْنِي الْأُمَّهَات ﴿أُجُورَهُنَّ﴾ يَعْنِي النَّفَقَة على الرَّضَاع ﴿وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ﴾ وأنفقوا يَعْنِي الزَّوْج وَالْمَرْأَة فِيمَا بَيْنكُم ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ على أَمر مَعْرُوف من النَّفَقَة على الرَّضَاع بِغَيْر إِسْرَاف وتقتير ﴿وَإِن تَعَاسَرْتُمْ﴾ فِي النَّفَقَة وأبت الْأُم ﴿فَسَتُرْضِعُ لَهُ﴾ للْوَلَد ﴿أُخْرَى﴾ فتطلب لَهُ أُخْرَى غير الْأُم
﴿لِيُنفِقْ﴾ الْأَب ﴿ذُو سَعَةٍ﴾ ذُو غنى ﴿مِّن سَعَتِهِ﴾ على قدر غناهُ ﴿وَمَن قُدِرَ﴾ قتر ﴿عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ معيشته ﴿فَلْيُنفِقْ﴾ على الْمُرْضع ﴿مِمَّآ آتَاهُ الله﴾ على قدر مَا أعطَاهُ الله من المَال ﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا﴾ من النَّفَقَة على الرَّضَاع ﴿إِلاَّ مَآ آتَاهَا﴾ إِلَّا على قدر مَا أعطَاهُ من المَال ﴿سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ﴾ فِي النَّفَقَة ﴿يُسْرًا﴾ بعد الْفقر غنى فالمعسر ينْتَظر الرزق من الله
﴿وكأين من قَرْيَة﴾ وَكم من أهل قَرْيَة ﴿عَتَتْ﴾ عَصَتْ وأبت ﴿عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا﴾ عَن قبُول أَمر رَبهَا وَطَاعَة رَبهَا ﴿وَرُسُلِهِ﴾ عَن إِجَابَة الرُّسُل وَعَما جَاءَت بِهِ الرُّسُل ﴿فَحَاسَبْنَاهَا﴾ فِي الْآخِرَة ﴿حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿عَذَابًا نُّكْرًا﴾ شَدِيدا مقدم ومؤخر
﴿فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا﴾ عُقُوبَة أمرهَا فِي الدُّنْيَا بِالْهَلَاكِ ﴿وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا﴾ فِي الْآخِرَة ﴿خُسْرًا﴾ إِلَى خسران
﴿أَعَدَّ الله لَهُمْ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿عَذَابًا شَدِيدًا﴾ غليظًا لونًا بعد لون ﴿فَاتَّقُوا الله﴾ فاخشوا الله ﴿يَا أولي الْأَلْبَاب﴾ يَا ذَوي الْعُقُول من النَّاس ﴿الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد ﷺ وَالْقُرْآن ﴿قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْرًا﴾
﴿رَّسُولًا﴾ ذكرا مَعَ الرَّسُول ﴿يَتْلُو عَلَيْكُمْ﴾ مُحَمَّد ﷺ ﴿آيَاتِ الله﴾ الْقُرْآن ﴿مُبَيِّنَاتٍ﴾ واضحات بَيِّنَات بِالْأَمر وَالنَّهْي ﴿لِّيُخْرِجَ الَّذين آمَنُواْ﴾ قد أخرج الَّذين آمنُوا بِمُحَمد ﷺ وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿مِنَ الظُّلُمَات إِلَى النُّور﴾ من الْكفْر إِلَى الْإِيمَان ﴿وَمن يُؤمن بِاللَّه﴾ وَبِمُحَمَّدٍ ﷺ وَالْقُرْآن ﴿وَيَعْمَلْ صَالِحًا﴾ خَالِصا فِيمَا بَينه وَبَين ربه ﴿يُدْخِلْهُ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿جَنَّاتٍ﴾ بساتين ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا﴾ من تَحت شَجَرهَا وغرفها ﴿الْأَنْهَار﴾ أَنهَار الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن ﴿خَالِدين فِيهَا﴾ مقيمين فِي الْجنَّة لَا يموتون فِيهَا وَلَا يخرجُون مِنْهَا ﴿أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقًا﴾ قد أعد الله لَهُ ثَوابًا فِي الْجنَّة
﴿الله الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ بَعْضهَا فَوق بعض مثل الْقبَّة ﴿وَمِنَ الأَرْض مِثْلَهُنَّ﴾ سبعا وَلكنهَا منبسطة ﴿يَتَنَزَّلُ الْأَمر بَيْنَهُنَّ﴾ يَقُول تتنزل الْمَلَائِكَة بِالْوَحْي والتنزيل والمصيبة من السَّمَوَات من عِنْد الله ﴿لِتَعْلَمُوا﴾ لكَي تعلمُوا وتقروا ﴿أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ﴾ من أهل السَّمَوَات وَالْأَرضين ﴿قَدِيرٌ وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًَا﴾ أَي قد أحَاط علمه بِكُل شىء
1 / 476