Tanwīr al-Muqbās min Tafsīr Ibn ʿAbbās
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
Publisher
دار الكتب العلمية
Publisher Location
لبنان
﴿إِلاَّ وَحْيٌ﴾ من الله ﴿يُوحى﴾ إِلَيْهِ جِبْرِيل حَتَّى جَاءَ إِلَيْهِ وقرأه عَلَيْهِ
﴿عَلَّمَهُ﴾ أَي أعلمهُ جِبْرِيل ﴿شَدِيدُ القوى﴾ وَهُوَ شَدِيد الْقُوَّة بِالْبدنِ
﴿ذُو مِرَّةٍ﴾ ذُو شدَّة وَيُقَال ذُو قُوَّة وَكَانَت قوته حَيْثُ أَدخل يَده تَحت قريات لوط فقلعها من المَاء الْأسود ورفعها إِلَى السَّمَاء وقلبها فَأَقْبَلت تهوي من السَّمَاء إِلَى الأَرْض وَكَانَت شدته حَيْثُ أَخذ بِعضَادَتَيْ بَاب أنطاكية فصاح فِيهَا صَيْحَة فَمَاتَ من فِيهَا من الْخَلَائق وَيُقَال كَانَت شدته حَيْثُ نفح إِبْلِيس نفحة بريشة من جنَاحه على عقبَة من أعقاب بَيت الْمُقَدّس فمضربه على أقْصَى حجر بِالْهِنْدِ ﴿فَاسْتَوَى﴾ جِبْرِيل فِي صورته الَّتِي خلقه الله عَلَيْهَا وَيُقَال فَاسْتَوَى فِي صُورَة خلق حسن
﴿وَهُوَ بالأفق الْأَعْلَى﴾ بمطلع الشَّمْس وَيُقَال فِي السَّمَاء السَّابِعَة
﴿ثمَّ دنا﴾ جِبْرِيل إِلَى مُحَمَّد ﷺ وَيُقَال مُحَمَّد إِلَى ربه ﴿فَتَدَلَّى﴾ فتقرب
﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ﴾ من قسي الْعَرَب ﴿أَوْ أدنى﴾ بل أدنى بِنصْف قَوس
﴿فَأوحى إِلَى عَبْدِهِ﴾ جِبْرِيل ﴿مَآ أوحى﴾ إِلَى عَبده مُحَمَّد ﷺ وَيُقَال فَأوحى جِبْرِيل إِلَى عَبده مُحَمَّد ﵇ مَا أوحى الَّذِي أوحى وَيُقَال فَأوحى إِلَى عَبده مُحَمَّد الَّذِي أوحى
﴿مَا كذب الْفُؤَاد﴾ فؤاد مُحَمَّد ﷺ ﴿مَا أرى﴾ الذى رأى بِهِ بِقَلْبِه وَيُقَال رأى ربه بفؤاده وَيُقَال ببصره وَهَذَا جَوَاب الْقسم
فَلَمَّا أخْبرهُم النبى ﷺ كذبوه فَنزل ﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾ أفتكذبونه ﴿على مَا يرى﴾ على مَا قدر أَي مُحَمَّد ﵇ وَإِن قَرَأت بِالْألف يَقُول أفتجادلونه على مَا قد رأى
﴿وَلَقَد رَآهُ﴾ يَعْنِي رأى مُحَمَّد ﷺ جِبْرِيل وَيُقَال ربه بفؤاده وَيُقَال ببصره ﴿نَزْلَةً أُخْرَى﴾ مرّة أُخْرَى غير الَّتِي أخْبركُم بهَا
﴿عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى﴾ الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا كل ملك مقرب وَنَبِي مُرْسل وَيُقَال يَنْتَهِي إِلَيْهَا علم كل ملك مقرب وَنَبِي مُرْسل وعالم راسخ
﴿عِندَهَا﴾ عِنْد السِّدْرَة ﴿جَنَّةُ المأوى﴾ تأوي إِلَيْهَا أَرْوَاح الشُّهَدَاء
﴿إِذْ يغشى السِّدْرَة﴾ يَعْلُو السِّدْرَة ﴿مَا يغشى﴾ مَا يَعْلُو فرَاش من ذهب وَيُقَال نور وَيُقَال مَلَائِكَة
﴿مَا زَاغَ الْبَصَر﴾ مَا مَال الْبَصَر بصر مُحَمَّد ﷺ يَمِينا وَلَا شمالًا بِمَا رأى ﴿وَمَا طَغى﴾ مَا تجَاوز عَمَّا رأى جِبْرِيل لَهُ سِتّمائَة جنَاح
﴿لقد رأى﴾ مُحَمَّد ﷺ ﴿مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ من عجائب ربه الْكُبْرَى أَي الْعُظْمَى
﴿أَفَرَأَيْتُمُ﴾ أفتظنون يَا أهل مَكَّة أَن ﴿اللات والعزى﴾ الْأُخْرَى
﴿وَمَنَاةَ الثَّالِثَة الْأُخْرَى﴾ تنفعكم فِي الْآخِرَة بل لَا تنفعكم وَيُقَال أفتظنون أَن عبادتكم اللات والعزى الْأُخْرَى وَمَنَاة الثَّالِثَة فِي الدُّنْيَا تنفعكم فى الْآخِرَة لَا تنفعكم أما اللات فَكَانَت صنمًا بِالطَّائِف لثقيف يعبدونها وَأما الْعُزَّى فَكَانَت شَجَرَة بِبَطن نَخْلَة لغطفان يعبدونها وَمَا مَنَاة الثَّلَاثَة فَكَانَت صنمًا بِمَكَّة لهذيل وخزاعة يعبدونها من دون الله
﴿أَلَكُمُ الذّكر﴾ يَا أهل مَكَّة ترضونه لأنفسكم ﴿وَلَهُ الْأُنْثَى﴾ وَأَنْتُم تكرهونها وَلَا ترضونها لأنفسكم
﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضيزى﴾ جائرة
﴿إِنْ هِيَ﴾ مَا هِيَ اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة ﴿إِلاَّ أَسْمَآءٌ﴾ أصنام ﴿سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم﴾ الْآلهَة وَيُقَال صنعتموها أَنْتُم وآباؤكم لأنفسكم ﴿مَّآ أَنَزَلَ الله بِهَا﴾ بعبادتكم لَهَا وتسميتكم لَهَا ﴿مِن سُلْطَانٍ﴾ من كتاب فِيهِ حجتكم ﴿إِن يَتَّبِعُونَ﴾ مَا يعْبدُونَ اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة وَمَا يسمونها الْآلهَة ﴿إِلاَّ الظَّن﴾ إِلَّا بِالظَّنِّ بِغَيْر يَقِين ﴿وَمَا تَهْوَى الْأَنْفس﴾ وبهوى الْأَنْفس ﴿وَلَقَدْ جَآءَهُم﴾ يَعْنِي أهل مَكَّة ﴿مِّن رَّبِّهِمُ الْهدى﴾ الْبَيَان فِي الْقُرْآن بِأَن لَيْسَ لله ولد وَلَا شريك
﴿أَمْ لِلإِنسَانِ﴾ لأهل مَكَّة ﴿مَا تمنى﴾ مَا يشتهون أَن الْمَلَائِكَة والأصنام يشفعون لَهُم
﴿فَلِلَّهِ الْآخِرَة﴾ بِإِعْطَاء الثَّوَاب والكرامة والشفاعة وَالْأولَى بِإِعْطَاء الْمعرفَة والتوفيق
﴿وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَات﴾ مِمَّن زعمتم أَنهم بَنَات الله ﴿لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا﴾ لَا يشفعون لأحد ﴿إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله﴾ يَأْمر الله بالشفاعة ﴿لِمَن يَشَآءُ﴾ لمن كَانَ أَهلا لذَلِك من الْمُؤمنِينَ ﴿ويرضى﴾ عَنْهُم بِالتَّوْحِيدِ
﴿إِنَّ الَّذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت يَعْنِي كفار مَكَّة
1 / 446