429

Tanwīr al-Muqbās min Tafsīr Ibn ʿAbbās

تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

Publisher

دار الكتب العلمية

Publisher Location

لبنان

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْفَتْح وهى كلهَا مَدَنِيَّة آياتها تسع وَعِشْرُونَ آيَة وكلمها خَمْسمِائَة وَسِتُّونَ كلمة وحروفها أَلفَانِ وَأَرْبَعمِائَة
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾ بِغَيْر قتال وَصلح الْحُدَيْبِيَة مِنْهُ غير أَن كَانَ بَينهم رمي بِالْحِجَارَةِ وَيُقَال إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا يَقُول قضينا لَك قَضَاء بَينا يَقُول أكرمناك بِالْإِسْلَامِ والنبوة وأمرناك أَن تَدْعُو الْخلق إِلَيْهِمَا
﴿لِّيَغْفِرَ لَكَ الله﴾ لكَي يغْفر الله لَك ﴿مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ﴾ مَا سلف من ذنوبك قبل الْوَحْي ﴿وَمَا تَأَخَّرَ﴾ وَمَا يكون بعد الْوَحْي إِلَى الْمَوْت ﴿وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ﴾ منته ﴿عَلَيْكَ﴾ بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام وَالْمَغْفِرَة ﴿وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾ يثبتك على طَرِيق قَائِم يرضاه وَهُوَ الْإِسْلَام
﴿وَيَنصُرَكَ الله﴾ على عَدوك ﴿نَصْرًا عَزِيزًا﴾ منيعًا بِلَا ذل
﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السكينَة﴾ الطُّمَأْنِينَة ﴿فِي قُلُوبِ الْمُؤمنِينَ﴾ المخلصين يَوْم الْحُدَيْبِيَة ﴿ليزدادوا إِيمَانًا﴾ يَقِينا وَتَصْدِيقًا وعلمًا ﴿مَّعَ إِيمَانِهِمْ﴾ بِاللَّه وَرَسُوله وَهُوَ تَكْرِير الْإِيمَان مَعَ إِيمَانهم بِاللَّه وَرَسُوله ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَات﴾ الْمَلَائِكَة ﴿وَالْأَرْض﴾ الْمُؤْمِنُونَ يُسَلط على من يَشَاء من أعدائه ﴿وَكَانَ الله عَلِيمًا﴾ بِمَا صنع بك من الْفَتْح وَالْمَغْفِرَة وَالْهدى والنصرة وإنزال السكينَة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ ﴿حَكِيمًا﴾ فِيمَا صنع بك
فَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ المخلصون حِين سمعُوا بكرامة الله لنَبيه هَنِيئًا لَك يَا رَسُول الله بِمَا أَعْطَاك الله من الْفَتْح وَالْمَغْفِرَة والكرامة فَمَا لنا عِنْد الله فَأنْزل الله ﴿لِّيُدْخِلَ الْمُؤمنِينَ﴾ المخلصين من الرِّجَال ﴿وَالْمُؤْمِنَات﴾ المخلصات من النِّسَاء ﴿جنَّات﴾ بساتين ﴿تجْرِي من تحتهَا﴾ من تَحت شَجَرهَا ومساكنها وغرفها ﴿الْأَنْهَار﴾ أَنهَار الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن ﴿خَالِدين فِيهَا﴾ مقيمين فِي الْجنَّة لَا يموتون وَلَا يخرجُون مِنْهَا ﴿وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ ذنوبهم فِي الدُّنْيَا ﴿وَكَانَ ذَلِك﴾ الَّذِي ذكرت للْمُؤْمِنين ﴿عِندَ الله فَوْزًا عَظِيمًا﴾ نجاة وافرة فازوا بِالْجنَّةِ وَمَا فِيهَا ونجوا من النَّار وَمَا فِيهَا فجَاء عبد الله ابْن أَبى بن سلول حِين سمع بكرامة الله للْمُؤْمِنين فَقَالَ يَا رَسُول الله وَالله مَا نَحن إِلَّا كَهَيْئَتِهِمْ فَمَا لنا عِنْد الله فَأنْزل فيهم
﴿وَيُعَذِّبَ﴾ ليعذب ﴿الْمُنَافِقين﴾ من الرِّجَال بإيمَانهمْ ﴿والمنافقات﴾ من النِّسَاء ﴿وَالْمُشْرِكين﴾ بِاللَّه من الرِّجَال بإيمَانهمْ ﴿والمشركات﴾ من النِّسَاء أَيْضا ثمَّ ذكر أَيْضا الْمُنَافِقين فَقَالَ ﴿الظآنين بِاللَّه ظَنَّ السوء﴾ أَن لَا ينصر الله نبيه ﴿عَلَيْهِمْ﴾ على الْمُنَافِقين ﴿دَآئِرَةُ السوء﴾ منقلبة السوء وعاقبة السوء ﴿وَغَضِبَ الله﴾ سخط الله ﴿عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ﴾ طردهم من كل خير ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿وَسَآءَتْ مَصِيرًا﴾ بئس الْمصير صَارُوا إِلَيْهِ فِي الْآخِرَة
﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَات﴾ الْمَلَائِكَة ﴿وَالْأَرْض﴾ الْمُؤْمِنُونَ ينصر بهم من يَشَاء ﴿وَكَانَ الله عَزِيزًا﴾ بنقمة الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ ﴿حَكِيمًا﴾ بكرامة الْمُؤمنِينَ المخلصين بإيمَانهمْ وَيُقَال عَزِيزًا فِي ملكه وسلطانه حكيمًا فِي أمره وقضائه وَفِيمَا نصر نبيه على أعدائه
﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿شَاهِدًا﴾ على أمتك بالبلاغ ﴿وَمُبَشِّرًا﴾ بِالْجنَّةِ للْمُؤْمِنين ﴿وَنَذِيرًا﴾ من النَّار للْكَافِرِينَ
﴿لِّتُؤْمِنُواْ بِاللَّه﴾ لكَي تؤمنوا بِاللَّه ﴿وَرَسُولِهِ﴾ مُحَمَّد ﷺ ﴿وتعزروه﴾ تنصروه

1 / 431