بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم رب عونا قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْحَافِظ جمال الدّين أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْجَوْزِيّ ﵀: الْحَمد لله الَّذِي اخْتَار من جَمِيع الْمَخْلُوقَات الْإِنْسَان، ثمَّ اصْطفى مِنْهُ أهل التقى وَالْإِيمَان، ثمَّ جعل مَحل نظره الْقُلُوب لَا الْأَبدَان؛ هُوَ ينظر إِلَى صفاء الْأَسْرَار، لَا إِلَى نقاء الألوان، فاوت بَين الْآدَمِيّين، فَمنهمْ ملك وَمِنْهُم شَيْطَان، يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت؛ فالخليل من آزر ذِي الكفران، وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ؛ فَمن نوح: كنعان، جرى قدره، فَكفر أَبُو طَالب وَأسلم عُثْمَان، وضل أَبُو لَهب، وَأذن لِبلَال فِي الْأَذَان، يفني ويبقي، ويسعد ويشقي، كل يَوْم هُوَ فِي شان. أَحْمَده - إِذْ أنعم وصان - عدد الأوراق والأغصان، وَأقر بوحدانيته إِقْرَارا يصدر عَن برهَان، وأصلي على رَسُوله مُحَمَّد أشرف مَخْلُوق وجد وَكَانَ، وعَلى صَاحبه أبي بكر الصّديق الَّذِي انْفَرد بنصره فِي الْغَار وأعانه، وعَلى عمر الْفَارُوق المتشدد فِي الدّين فمالان، وعَلى التقي النقي عُثْمَان بن عَفَّان، وعَلى عَليّ بن أبي طَالب مقدم الْعلمَاء وَسيد الشجعان، وعَلى عَمه الْعَبَّاس بن عبد المطلب المستسقى بشيبته، فَأقبل السح الهتان، جد سيدنَا ومولان الإِمَام المستضيء

1 / 28

بِأَمْر اللَّهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّذِي أشرق بولايته الزَّمَان، سقِي زرع الْعدْل مياه الْفضل، فالدنيا فِي أَيَّامه بُسْتَان، فَذكره فِي مسام مشام الصَّالِحين أزكى من ريح وَرَيْحَان، وَقُلُوبهمْ معتلقة بحبه وَحب الْخلق لحب الْخَالِق عنوان، قرن اللَّهِ نعْمَة دُنْيَاهُ بِنِعْمَة أخراه، وَإِن الدَّار الْآخِرَة لهي الْحَيَوَان، واستجاب فِي أَيَّامه دُعَاء كل دَاع ذاق فِيهَا طعم الْإِحْسَان. أما بعد ... . فَإِنِّي رَأَيْت جمَاعَة من أخيار الحبشان تنكسر قُلُوبهم لأجل اسوداد الألوان، فأعلمتهم أَن الِاعْتِبَار بِالْإِحْسَانِ لَا بالصور الحسان، وَوضعت لَهُم هَذَا الْكتاب فِي ذكر فضل خلق كثير من الْحَبَش والسودان، وَقد قسمته ثَمَانِيَة وَعشْرين بَابا، وَالله الْمُسْتَعَان.

1 / 29

(ذكر تراجم الْأَبْوَاب) الْبَاب الأول: فِي ذكر من ينْسب إِلَيْهِ السودَان. الْبَاب الثَّانِي: فِي ذكر سَبَب سَواد ألوانهم. الْبَاب الثَّالِث: فِي ذكر إحْيَاء عِيسَى بن مَرْيَم حام بن نوح. الْبَاب الرَّابِع: فِي ذكر ممالك السودَان من الأَرْض وسعتها. الْبَاب الْخَامِس: فِي ذكر فَضَائِل اجْتمعت فِي طباع السودَان. الْبَاب السَّادِس: فِي ذكر فَضَائِل أَشْيَاء خصت بسواد اللَّوْن من الْحَيَوَانَات والنباتات والأحجار. الْبَاب السَّابِع: فِي بَيَان أَن لَا فضل لأبيض على أسود، إِنَّمَا الْفضل بالتقوى. الْبَاب الثَّامِن: فِي ذكر من هَاجر من الصَّحَابَة إِلَى الْحَبَشَة. الْبَاب التَّاسِع: فِي إِنْفَاذ قُرَيْش إِلَى النَّجَاشِيّ ليسلم إِلَيْهِم أَصْحَاب

1 / 30

رَسُول اللَّهِ ﷺ َ -. الْبَاب الْعَاشِر: فِي ذكر مُكَاتبَة رَسُول اللَّهِ ﷺ َ - النَّجَاشِيّ وإسلامه وَإِسْلَام أَصْحَابه. الْبَاب الْحَادِي عشر: فِي ذكر قدوم الْحَبَشَة على رَسُول اللَّهِ ﷺ َ -، ولعبهم بالحراب فِي الْمَسْجِد، وَرَسُول اللَّهِ ﷺ َ - ينظر. الْبَاب الثَّانِي عشر: فِي ذكر مَا جَاءَ من الْقُرْآن مُوَافقا للغة الْحَبَشَة. الْبَاب الثَّالِث عشر: فِي ذكر مَا سَمعه رَسُول اللَّهِ ﷺ َ - من كَلَام الْحَبَشَة فأعجبه. الْبَاب الرَّابِع عشر: فِي ذكر تَخْصِيص الْحَبَشَة بِالْأَذَانِ. الْبَاب الْخَامِس عشر: فِي ذكر من كَانَ نَبيا من السودَان. الْبَاب السَّادِس عشر: فِي ذكر كبار مُلُوك الْحَبَشَة. الْبَاب السَّابِع عشر: فِي ذكر أَشْرَاف السودَان من الصَّحَابَة. الْبَاب الثَّامِن عشر: فِي ذكر أَشْرَاف السودَان من الصحابيات. الْبَاب التَّاسِع عشر: فِي ذكر المبرزين فِي الْعلم من السودَان.

1 / 31

الْبَاب الْعشْرُونَ: فِي ذكر شعرائهم وَمن تمثل مِنْهُم بِشعر. الْبَاب الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: فِي ذكر جمَاعَة من فطناء السودَان وأذكيائهم وكرمائهم. الْبَاب الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: فِي ذكر المتعبدين مِنْهُم والزهاد. الْبَاب الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: فِي ذكر المتعبدات من نِسَائِهِم والفاضلات. الْبَاب الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: فِي ذكر من كَانَ يُؤثر الْجَوَارِي السود على الْبيض، وَمن كَانَ يعشقهن، وَمن مَاتَ من عشقهن. الْبَاب الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: فِي ذكر أَبنَاء الحبشيات من قُرَيْش. الْبَاب السَّادِس وَالْعشْرُونَ: فِيهِ مواعظ ووصايا. الْبَاب السَّابِع وَالْعشْرُونَ: فِيهِ أذكار وتسبيحات. الْبَاب الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: فِيهِ أدعية.

1 / 32