Tanwīr al-ʿuqūl li-Ibn Abī Nubhān taḥqīq ??
تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟
Genres
فإن قيل كيف فعلوا ما نهاهم عنه نهي أدب؟! ، و كيف يصح هذا تصديقه فيهم ، فالجواب أنهم هم أصحابه و هو مبعوث ليعلمهم ما أراده الله أن يعلمهم إياه من هداه[ تعالى مولاه] (¬1) ، و هم أعلم بما يأمرهم به ، وينهاهم عنه من واجب و ندب و وسيلة و إباحة و تكريه و تحريم ، فلا يجوز أن يخفى عليهم ذلك منه ، وهم عليه توصيله و إيضاحه و تصريحه إلى غيرهم من الأمة ، فلما أنه نهي أدب أكلوا لحم الضبع و حكموا على من صاده في الحرم فأتلفه بكبش أملح وجعلوا فعلهم ذلك أسرى للاشتهار و أوضح للإظهار ، لئلا تضل الأمة بالدينونة في تحريم ما حرم عليهم أن يدينوا بتحريمه، و لم يريدوا بذلك التعدي إلى ما نهاهم عنه ، و هم أعلم به فيما يريد [158/ج] منهم إظهاره ، و كشفه للأمة حتى لا تضل فلم يفعلوا إلا ما علموا أنه مما يحبه لهم أن يفعلوه ، فكان على هذا القول أنه نهي أدب لا نهي تحريم .
و إلى هذا مال رأي الشيخ الكبير أبي سعيد- رحمه الله- ، و رأي والدي العالم الرباني أبي نبهان - رحمه الله - ،و قول الله تعالى: " قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكونميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ... " (¬2) الآية ،و لم تقم الحجة[ بصحة] (¬3) نسخ الآية للرواية ، و لا بنسخ الرواية للآية ، فلما لم تقم الصحة على ذلك بقي حكم الآية ثابتا ، و حكم الرواية على موافقتها لم يحرم ما أحله الله ، و إنما كان النهي على طريق الكراهية أو الأدب لأكلها النجاسة غالبا ، و هي الميتة بافتراسها الحيوانات ، فصح الجمع بين حكم الآية وحكم الرواية بصحة الرواية في لحم الضبع و لم يجز الإجماع على تحريم فيها، و لا على أنها بمعنى النهي ، و لا على أنها بمعنى الأدب .
¬__________
(¬1) سقط في ب.
(¬2) سورة الأنعام:145.
(¬3) سقط في ب.
Page 205