143

Tanwir Cuqul

تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟

Genres

فإن قلت : إن هذا لأنه متعبد بعبادة الله تعالى دون بقية الحيوانات ؟ ، فالجواب: بأي شيء تعبد هذا و لم تبلغه معرفة شيء من العبادة ، و على أي شيء يكون الحساب و الثواب و العقاب ؟ ، و لم يكن عليه إلا معرفة الله و اعتقاد طاعته ، و ترك ما قبح في عقله من القبيح ، و فعل ما حسن في عقله من الفعل الحسن ، و ما يدريه أنها قد فهمت ذلك ، و اعتقدت كذلك لله تعالى ، و هو يعلم أن الذي خلق جميع هذه الأشياء لا يستطيع شيء منها أن يخالفه في شيء ، و نحن الذين قراءنا التنزيل و السنة و الآثار ، و لم نعلم علما حقيقيا أن الحيوانات ستبعث مع بعث الأنس و الجن و حضور الملائكة في يوم الحساب أم لا ؟ ، فلا شك أننا لم نزل في شك من ذلك.

و إن ظن ظان في ذلك أمرا فإنما هو ظن لا حقيقة ، و كل ذلك لأجل أن الله لم ينزل تصريح بيان أمر ذلك ، و لا قامت الصحة [59 / أ ]عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ببيان ، ولا صح انعقاد إجماع على صحة أمر في ذلك بغير بيان إلهي و بغير بيان نبي ، فصح أن كل ما لم يأت فيه بيان عن الله ، ولا عن نبي من [112 / ب ]أمر البعث و الحساب هو من علم الغيب ، ولم يمكن تحقيق علم فيه ، و إلا كان من التكليف الذي لا يستطاع أداءه على كل حال ، و الكل في طاعة الله تعالى فبعضهم جاء فيه العلم أنه سيبعثه و يحاسبه و يعاقبه ، و بعضهم [105/ج] جاء فيه العلم أنه لا جزاء عليه بثواب و لا عقاب ، ولم يجئ فيه أنه سيبعث في الحساب لأجل ما [فعل فيها من الظلم] (¬1) أو لا يبعث ، و إن كان الأصح أنها لا تبعث إذ لا موت بعد البعث ، و إن لم تكن للجنة فلا بد لها من الموت بعد ذلك ، و لكن الله قادر على كل شيء ، و هو على كل شيء قدير .

¬__________

(¬1) في ب : لأجل ما فعله من الظلم .

Page 144