كتاب تنبيه النائم الغمر، على مواسم العمر
تأليف
الشيخ الإمام جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي
أعاد الله علينا وعلى المسلمين من بركاته وبركات علومه في الدين والدنيا والآخرة آمين
1 / 41
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه التوفيق والهداية
قال الشيخ الإمام الحافظ، شيخ الإسلام، مفتي الأنام، بركة الزمان، محيى السنة، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الخزرجي - رحمه الله تعالى -: الحمد لله الذي جعل الأعمار مواسم، يربح فيها ممتثل المراسم، ويخسر المضيع الحسير والحاسم. فهي موضوعة لبلوغ الأمل، ورفع الخلل. زائدة الأرباح لمن اتجر، مهلكة الأرواح لمن فجر، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وأكثر، والسيئة
1 / 43
ترد المستقيم إلى حال.
وبهذا العمر اليسير يشتري الخلود الدائم في الجنان، والبقاء الذي لا ينقطع كبقاء الرحمن، ومن فرط في العمر وقع في الخسران.
فينبغي للعاقل أن يعرف قدر عمره، وأن ينظر لنفسه في أمره. فيغتنم ما يفوت استدراكه، فربما. بتضييعه هلاكه.
1 / 44
باب ذكر مواسم العمر
اعلم وفقك الله تعالى أن مواسم العمر خمسة: الموسم الأول: من وقت الولادة إلى زمان البلوغ، وذلك، خمس عشر سنة.
والثاني: من زمان بلوغه إلى نهاية شبابه، وذلك إلى تمام خمس وثلاثين سنة، (وهو زمن الشباب).
والثالث: من ذلك الزمان إلى تمام خمسين سنة،
1 / 45
وذلك زمان الكهولة. وقد يقال: (كهلِ) لما قبل ذلك.
الرابع: من بعد الخمسين إلى تمام السبعين، وذلك زمان الشيخوخة.
والخامس: ما بعد السبعين إلى آخر العمر، فهو زمن الهرم.
وقد يتقدم ما ذكرنا من السنين ويتأخر فلنرسمها خمسة أبواب.
1 / 46