Tanbīh al-ghāfilīn bi-aḥādīth Sayyid al-anbiyāʾ waʾl-mursalīn liʾl-Samarqandī
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
Editor
يوسف علي بديوي
Publisher
دار ابن كثير
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Publisher Location
دمشق - بيروت
وَعَنْه أَنَّهُ قَالَ: بَابُ التَّوْبة مَفْتُوِح، وَهِيَ مَقْبُوَلَةٌ مِنَ كُلِّ أَحَدٍ إِلَّا مِنَ ثَلَاثَةٍ: إِبْلِيسُ رَأْسُ الْكَفَرَةِ، وَقَابِيلُ بْنُ آدَمَ رَأْسُ الْخَاطِئِينَ، وَمَنْ قَتَلَ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ.
وَقَالَ: بَابٍ التَّوْبَةِ لِلتَّائِبِينَ مَفْتُوحٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ سنة لَا يُغْلَقُ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا
١٢٣ - حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْفَرَّاءُ، حَدَّثَنَا أَبُوَ بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي لُهَيْعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «التَّوْبَةُ مُعَلَّقَةٌ فِي الْهَوَاءِ، تُنَادِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا تَفْتُرُ، مَنْ يَقْبَلْنِي لَا يُعَذَّبُ، فَهِيَ الدَّهْرُ كُلُّهُ عَلَى هَذَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا رُفِعَتْ» .
فَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ حَثٌّ عَلَى التَّوْبَةِ، وَفِيهَا بَيَانٌ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَابَ قُبِلَتِ التَّوْبَةُ مِنْهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى دَعَا الْمَؤْمِنِينَ إِلَى التَّوْبَةِ فَقَالَ: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٣١] يَعْنِي لِكَيْ تَنْجُوا مِنْ عَذَابِهِ وَتَنَالُوا مِنْ رَحْمَتِهِ فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ التَّوْبَةَ مِفْتَاحُ كُلِّ خَيْرٍ، وَأَنَّ فَلَاحَ الْمُؤْمِنِ فِي تَوْبَتِهِ.
وَأَمَرَ الْمُؤْمِنَ بِالتَّوْبَةِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨]، ثُمَّ بَيَّنَ مَا لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ فِي التَّوْبَةِ.
فَقَالَ تَعَالَى: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [التحريم: ٨]، يَعْنِي يَتَجَاوَزُ عَنْكُمْ ذُنُوبَكُمْ.
﴿وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [التحريم: ٨]، يَعْنِي يُعْطِيكُمْ فِي الْآخِرَةِ بَسَاتِينَ، تَجْرِي مِنْ تَحْتِ غُرَفِهَا وَمَسَاكِنِهَا وَشِجَارِهَا الْأَنْهَارُ.
وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ غَفَّارٌ لِذُنُوبِ التَّوَّابِينَ.
فَقَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾ [آل عمران: ١٣٥]، يَعْنِي الْكَبَائِرَ.
﴿أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٣٥]، يَعْنِي دُونَ الْكَبَائِرِ.
وَيُقَالُ: «أَوْ» هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَمَعْنَاهُ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً، أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، ذَكَرُوا اللَّهَ، يَعْنِي خَافُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ، فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ.
وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ؟ ! وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا.
يَعْنِي لَمْ يَثْبُتُوا عَلَى مَعْصِيَتِهِمْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ
1 / 113