52

Tanbīh al-ghāfilīn bi-aḥādīth Sayyid al-anbiyāʾ waʾl-mursalīn liʾl-Samarqandī

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

Editor

يوسف علي بديوي

Publisher

دار ابن كثير

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Publisher Location

دمشق - بيروت

فَتَنَحَّى وَهُوَ يَبْكِي، فَأَقْبَلَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَتَّى وَقَفَ بِالْبَابِ وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، هَلْ إِلَى مَوْلَايَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ سَبِيلٍ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَأَقْبَلَ يَبْكِي مَرَّةً وَيَقَعُ مَرَّةً، وَيَقُومُ أُخْرَى حَتَّى أَتَى بِبَيْتِ فَاطِمَةَ وَوَقَفَ بِالْبَابِ، ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَكَانَ عَلِيٌّ ﵁ غَائِبًا، فَقَالَ يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِ احْتَجَبَ عَنِ النَّاسِ فَلَيْسَ يَخْرُجُ إِلَّا إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَا يُكَلِّمُ أَحَدًا وَلَا يَأْذَنُ لِأَحَدٍ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ، فَاشْتَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِعَبَاءَةٍ قُطْوَانِيَّةٍ وَأَقْبَلَتْ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ سَلَّمَتْ، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فَاطِمَةُ.
وَرَسُولُ اللَّهِ سَاجِدٌ يَبْكِي، فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: «مَا بَالُ قُرَّةِ عَيْنِي فَاطِمَةَ حُجِبَتْ عَنِّي افْتَحُوا لَهَا الْبَابَ» فَفُتِحَ لَهَا الْبَابُ، فَدَخَلَتْ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا لَمَّا رَأَتْ مِنْ حَالِهِ مُصْفَرًّا مُتَغَيِّرًا قَدْ ذَابَ لَحْمُ وَجْهِهِ مِنَ الْبُكَاءِ وَالْحُزْنِ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الَّذِي نَزَلَ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ جَاءَنِي جِبْرِيلُ وَوَصَفَ لِي أَبْوَابَ جَهَنَّمَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِي أَعْلَى بَابِهَا أَهْلُ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي، فَذَلِكَ الَّذِي أَبْكَانِي وَأَحْزَنَنِي» .
قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَدْخُلُونَهَا؟ قَالَ: «بَلَى تَسُوقُهُمُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى النَّارِ وَلَا تَسْوَدُّ وُجُوهُهُمْ وَلَا تَزْرَقُّ أَعْيُنُهُمْ وَلَا يُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَلَا يُقْرَنُونَ مَعَ الشَّيَاطِينِ وَلَا يُوضَعُ عَلَيْهِمُ السَّلَاسِلُ وَالْأَغْلَالُ» .
قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَقُودُهُمُ الْمَلَائِكَةُ؟ فَقَالَ: " أَمَّا الرِّجَالُ فَبِاللِّحَى وَأَمَّا النِّسَاءُ فَبِالذَّوَائِبِ وَالنَّوَاصِي، فَكَمْ مِنْ شَيْبَةٍ مِنْ أُمَّتِي يُقْبَضُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَيُقَادُ إِلَى النَّارِ وَهُوَ يُنَادِي وَاشَيْبَتَاهُ وَاضَعْفَاهُ، وَكَمْ مِنْ شَابٍّ قَدْ قُبِضَ عَلَى لِحْيَتِهِ يُسَاقُ إِلَى النَّارِ وَهُوَ يُنَادِي وَاشَبَابَاهُ.
وَاحُسْنَ صُورَتَاهُ، وَكَمْ مِنَ امْرَأَةٍ مِنْ أُمَّتِي قَدْ قُبِضَ عَلَى نَاصِيَتِهَا تُقَادُ إِلَى النَّارِ وَهِيَ تُنَادِي وَافَضِيحَتَاهُ وَاهَتْكَ سِتْرَاهُ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِمْ إِلَى مَالِكٍ فإذا نظر إليهم مالك قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَمَا وَرَدَ عَلَيَّ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ أَعْجَبُ شَأْنًا مِنْ هَؤُلَاءِ! لَمْ تَسْوَدَّ وُجُوهُهُمْ وَلَمْ تَزْرَقَّ أَعْيُنُهُمْ وَلَمْ يُخْتَمْ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ يُقْرَنُوا مَعَ الشَّيَاطِينِ وَلَمْ تُوضَعُ السَّلَاسِلُ وَالْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ؟

1 / 72