Tanbīh al-ghāfilīn bi-aḥādīth Sayyid al-anbiyāʾ waʾl-mursalīn liʾl-Samarqandī
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
Editor
يوسف علي بديوي
Publisher
دار ابن كثير
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Publisher Location
دمشق - بيروت
وَقَالَ قَتَادَةُ: يَا قَوْمُ هَلْ لَكُمْ مِنْ هَذَا بُدٌّ أَمْ هَلْ لَكُمْ عَلَى هَذَا صَبْرٌ، يَا قَوْمُ طَاعَةُ اللَّهِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فَأَطِيعُوهُ وَيُقَالُ إِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَجْزَعُونَ أَلْفَ سَنَةٍ، فَلَا يَنْفَعُهُمْ، ثُمَّ يَقُولُونَ: كُنَّا فِي الدُّنْيَا إِذَا صَبَرْنَا كَانَ لَنَا الْفَرَجُ فَيَصْبِرُونَ أَلْفَ سَنَةٍ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُونَ: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾ [إبراهيم: ٢١]، فَيَسْأَلُونَ اللَّهَ تَعَالَى الْغَيْثَ أَلْفَ سَنَةٍ لِمَا بِهِمْ مِنَ الْعَطَشِ وَشِدَّةِ الْعَذَابِ، لِكَيْ يَزُولَ عَنْهُمْ بَعْضُ الْحَرَارَةِ وَالْعَطَشِ فَإِذَا تَضَرَّعُوا أَلْفَ سَنَةٍ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِجِبْرِيلَ: أَيَّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ، فَيَقُولُ جِبْرِيلُ: يَا رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِمْ، إِنَّهُمْ يَسْأَلُونَ الْغَيْثَ، فَتَظْهَرُ لَهُمْ سَحَابَةٌ حَمْرَاءُ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يُمْطَرُونَ، فَتُرْسَلُ عَلَيْهِمُ الْعَقَارِبُ كَأَمْثَالِ الْبِغَالِ، فَتَلْدَغُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ فَلَا يَذْهَبُ عَنْهُ الْوَجَعُ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَسْأَلُونَ اللَّهَ تَعَالَى أَلْفَ سَنَةٍ أَنْ يَرْزُقَهُمُ الْغَيْثَ، فَتَظْهَرُ لَهُمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ، فَيَقُولُونَ: هَذِهِ سَحَابَةُ الْمَطَرِ، فَتُرْسَلُ عَلَيْهِمُ الْحَيَّاتُ كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ، كُلَّمَا لَسَعَتْ لَسْعَةً لَا يَذْهَبُ وَجَعُهَا أَلْفَ سَنَةٍ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ﴾ [النحل: ٨٨]، يَعْنِي مَا كَانُوا يَكْفُرُونَ وَيَعْصُونَ اللَّهَ تَعَالَى، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْجُوَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَنَالَ ثَوَابَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى شَدَائِدِ الدُّنْيَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَجْتَنِبَ الْمَعَاصِي وَشَهَوَاتِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ، وَأُنْشِدَ:
وَفِي الشَّيْبِ مَا يَنْهَى الْحَلِيمَ عَنِ الصِّبَا ... إِذَا اسْتَوْقَدَتَ نِيرَانُهُ فِي عِذَارِهِ
أَرَى امْرَأً يَرْجُو الْعَيْشَ غِبْطَةً ... إِذَا اصْفَرَّ عُودُ الزَّرْعِ بَعْدَ اخْضِرَارِهِ
تَجَنَّبْ لِخِدْنِ السُّوءِ وَاحْذَرْ وِصَالَهُ ... وَإِنْ لَمْ تُطِقْ عَنْهُ مَحِيصًا فَدَارِهِ
وَجَاوِرْ قَرِينَ الصِّدْقِ وَاحْذَرْ مِرَاءَهُ ... تَنَلْ مِنْهُ صَفْوَ الْوُدِّ مَا لَمْ تُمَارِهِ
وَجَاوِرْ إِذَا جَاوَرْتَ حُرًّا أَوِ امْرَأً ... كَرِيمًا كَرِيمُ الْجِدِّ تَعْلُو بِجَارِهِ
فَمَنْ يَصْنَعِ الْمَعْرُوفَ مَعَ غَيْرِ أَهْلِهِ ... يَجِدْهُ وَرَاءَ الْبَحْرِ أَوْ فِي قَرَارِهِ
وَللَّهِ فِي عَرْضِ السَّمَوَاتِ جَنَّةٌ ... وَلَكِنَّهَا مَحْفُوفَةٌ بِالْمَكَارِهِ
٥٧ - وَبِإِسْنَادِهِ،قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، قَالَ: " دَعَا اللَّهُ ﷿ جِبْرِيلَ فَأَرْسَلَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَمَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا.
فَرَجَعَ وَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا.
فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا وَانْظُرْ إِلَيْهَا وَمَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّارِ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَمَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَرَجِعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ
1 / 69