Tanbīh al-ghāfilīn bi-aḥādīth Sayyid al-anbiyāʾ waʾl-mursalīn liʾl-Samarqandī
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
Editor
يوسف علي بديوي
Publisher
دار ابن كثير
Edition
الثالثة
Publication Year
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Publisher Location
دمشق - بيروت
مَنْ كَانَ عَاقِلًا فَإِنَّهُ يَرْضَى بِالْقُوتِ مِنَ الدُّنْيَا وَلَا يَشْتَغِلُ بِالْجَمْعِ، وَيَشْتَغِلُ بِعَمَلِ الْآخِرَةِ، لِأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ وَدَارُ النَّعِيمِ، وَالدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وَهِيَ غَدَّارَةٌ مُفْتِنَةٌ وَرَوَى جُوَيْبِرُ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ وَحَوَّاءَ إِلَى الْأَرْضِ، وَوَجَدَا رِيحَ الدُّنْيَا، وَفَقَدَا رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، غُشِيَ عَلَيْهِمَا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا مِنْ نَتَنِ الدُّنْيَا.
٣١٠ - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «يَا عَجَبًا كُلَّ الْعَجَبِ لِلْمُصَدِّقِ بِدَارِ الْخُلُودِ وَهُوَ يَعْمَلُ لِدَارِ الْغُرُورِ»
٣١١ - وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: شَهِدْتُ مَجْلِسًا مِنْ مَجَالِسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ أَبْيَضُ الْوَجْهِ، حَسِنَ الشَّعْرِ وَاللَّوْنِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» .
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الدُّنْيَا؟ قَالَ: «حُلْمُ الْمَنَامِ وَأَهْلُهَا مُجَازَوْنَ وَمُعَاقَبُونَ» .
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْآخِرَةُ؟ قَالَ: «الْأَبَدُ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَنَّةُ؟ قَالَ: «بَدَلُ الدُّنْيَا لِتَارِكِهَا نَعِيمُهَا أَبَدًا» قَالَ: فَمَا جَهَنَّمُ؟ قَالَ: «بَدَلُ الدُّنْيَا لِطَالِبِهَا لَا يُفَارِقُهَا أَهْلُهَا أَبَدًا» .
قَالَ: فَمَنْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَعْمَلُ فِيهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى» .
قَالَ: فَكَيْفَ يَكُونُ الرَّجُلُ فِيهَا؟ قَالَ: «مُشَمِّرًا كَطَالِبِ الْقَافِلَةِ» قَالَ: فَكَمِ الْقَرَارُ بِهَا؟ قَالَ: «كَقَدْرِ الْمُتَخَلِّفِ عَنِ الْقَافِلَةِ» قَالَ: فَكَمْ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ قَالَ: «كَغَمْضَةِ عَيْنٍ» قَالَ: فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَلَمْ يَرَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ لِيُزَهِّدَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَيُرَغِّبَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» وَذُكِرَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، قِيلَ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ اتَّخَذَكَ اللَّهُ خَلِيلًا؟ قَالَ: بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
1 / 239