106

Tanbih Ghafilin

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

Investigator

يوسف علي بديوي

Publisher

دار ابن كثير

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Publisher Location

دمشق - بيروت

أُمَّهُ، مَلْعُونٌ مَنْ صَدَّ عَنِ السَّبِيلِ، أَوْ أَضَلَّ الْأَعْمَى عَنِ الطَّرِيقِ، مَلْعُوٌن مَنْ ذَبَحَ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ، مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ، يَعْنِي الْحَدَّ الَّذِي بَيْنَ أَرْضِهِ وَأَرْضِ غَيْرِهِ.
وَيُقَالُ: يَعْنِي عَلَامَاتِ الْحَرَمِ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَعَنَ أَبَاهُ وَلَعَنَ أُمَّهُ.
يَعْنِي عَمِلَ عَمَلًا يُلْعَنُ بِهِ أَبَوَاهُ فَيَصِيرُ هُوَ الَّذِي لَعَنَهُمَا.
١٤٧ - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الذَّنْبِ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ: وَكَيْفَ يَسُبُّ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: «يَسُبُّ الرَّجُلَ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ»
١٤٨ - وَرَوَى أَبَانٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: كَانَ شَابٌّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُسَمَّى عَلْقَمَةُ، وَكَانَ شَدِيدَ الِاجْتِهَادِ، عَظِيمَ الصَّدَقَةِ، فَمَرِضَ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَبَعَثَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّ زَوْجِي فِي النَّزْعِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُعْلِمَكَ بِحَالِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهُ ﷺ لِبِلَالٍ وَعَلِيٍّ وَسَلْمَانَ وَعَمَّارٍ: اذْهَبُوا إِلَى عَلْقَمَةَ فَانْظُرُوا مَا حَالُهُ.
فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
فَلَمْ يَنْطِقْ لِسَانُهُ، فَلَمَّا أَيْقَنُوا أَنَّهُ هَالِكٌ، بَعَثُوا بِلَالًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيُخْبِرَهُ بِحَالِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
«هَلْ لَهُ أَبَوَانِ» فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا أَبُوهُ فَقَدْ مَاتَ، وَلَهُ أُمٌّ كَبِيرَةُ السِّنِّ، فَقَالَ: «يَا بِلَالُ انْطَلِقْ إِلَى أُمِّ عَلْقَمَةَ فَأَقْرِئْهَا مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهَا إِنْ قَدَرْتِ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَإِلَّا فَقَرِّي حَتَّى يَأْتِيَكِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ» .
فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ نَفْسِي لِنَفْسِهِ الْفِدَاءُ، أَنَا أَحَقُّ بِإِتْيَانِهِ، فَأَخَذَتِ الْعَصَا فَمَشَتْ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا أَنْ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ رَدَّ ﵍ فَجَلَسَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «اصْدُقِينِي، فَإِنْ كَذَّبْتِنِي جَاءَنِي الْوَحْيُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَيْفَ كَانَ حَالُ عَلْقَمَةَ»؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ يُصَلِّي كَذَا، وَيَصُومُ كَذَا، وَكَانَ يَتَصَدَّقُ بِجُمْلَةٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ مَا يَدْرِي كَمْ وَزْنُهَا، وَمَا عَدَدُهَا، قَالَ: «فَمَا حَالُكِ وَحَالُهُ» قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي عَلَيْهِ سَاخِطَةٌ وَاجِدَةٌ، قَالَ لَهَا: «وَلِمَ ذَلِكَ»؟ قَالَتْ: كَانَ يُؤْثِرُ امْرَأَتَهُ عَلَيَّ، وَيُطِيعُهَا فِي الْأَشْيَاءِ وَيَعْصِينِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سُخْطُ أُمِّهِ حَجَبَ لِسَانَهُ عَنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» .
ثُمَّ قَالَ لِبِلَالٍ: «انْطَلِقْ وَاجْمَعْ حَطَبًا كَثِيرًا حَتَّى أُحْرِقَهُ بِالنَّارِ» .
فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنِي وَثَمَرَةُ فُؤَادِي تَحْرِقُهُ بِالنَّارِ بَيْنَ يَدَيَّ؟ فَكَيْفَ يَحْتَمِلُ قَلْبِي؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا أُمَّ عَلْقَمَةَ فَعَذَابُ اللَّهِ أَشَدُّ وَأَبْقَى، فَإِنْ سَرَّكِ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ، فَارْضَيْ عَنْهُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَنْفَعُهُ الصَّلَاةُ وَلَا الصَّدَقَةُ مَا دُمْتِ عَلَيْهِ سَاخِطَةً» .
فَرَفَعَتْ يَدَيْهَا وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُشْهِدُ اللَّهَ فِي سَمَائِهِ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ حَضَرَنِي، أَنِّي قَدْ رَضِيتُ عَنْ عَلْقَمَةَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «انْطَلِقْ يَا بِلَالُ فَانْظُرْ هَلْ يَسْتَطِيعُ عَلْقَمَةُ أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
فَلَعَلَّ أُمَّ عَلْقَمَةَ تَكَلَّمَتْ بِمَا لَيْسَ فِي قَلْبِهَا حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ»، فَانْطَلَقَ بِلَالٌ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَابِ سَمِعَ عَلْقَمَةَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: يَا هَؤُلَاءِ إِنَّ سَخَطَ أُمِّ عَلْقَمَةَ حَجَبَ لِسَانَهُ

1 / 126