63

Tanbih Dhawi Albab

تنبيه ذوي الألباب السليمة عن والوقوع في الألفاظ المبتدعة الوخيمة

Publisher

دار العاصمة - الرياض

Edition Number

-

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

بين أن عقاب المجرمين عدلا لذنوبهم لا لأنا ظلمناهم فعاقبهم بغير ذنب. والحديث الذي في السنن " لو عذب الله أهل سمواته وأرضه، لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم، لكانت رحمته لهم خيرًا من أعمالهم". يبين أن العذاب لو وقع لكان لاستحقاقهم ذلك لا لكونه بغير ذنب. وهذا يبين أن من الظلم المنفي عقوبة من لم يذنب. وكذلك قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ. مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ﴾ يبين أن هذا العقاب لم يكن ظلما بل لاستحقاقهم ذلك، وأن الله لا يريد الظلم. والأمر الذي لا يمكن القدرة عليه لا يصلح أن يمدح الممدوح بعدم إرادته، وإنما يكون المدح بترك الأفعال إذا كان الممدوح قادرًا عليها فعلم أن الله قادر على ما نزه نفسه عنه من الظلم وأنه لا يفعله وبذلك يصح قوله: "إني حرمت الظلم على نفسي". وإن التحريم هو المنع. وهذا لا يجوز أن يكون فيما هو ممتنع لذاته فلا يصلح أن يقال حرمت على نفسي أو منعت نفسي من خلق مثلي أو جعل المخلوقات خالقة ونحو ذلك من المحالات، وأكثر ما يقال في تأويل ذلك ما يكون معناه أني أخبرت عن نفسي بأن ما لا يكون مقدورًا لا يكون مني، وهذا المعنى مما يتيقن المؤمن أنه ليس مراد الرب، وأنه يحب تنزيه الله ورسوله عن إرادة مثل هذا المعنى الذي لا يليق الخطاب بمثله إذ هو مع كونه شبه التكرير وإيضاح الواضح، ليس فيه مدح ولا ثناء ولا ما يستفيده المستمع، فعلم أن الذي حرمه على نفسه هو أمر مقدور عليه لكنه لا يفعله

1 / 64