Page 26
.
Page 27
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي الحمد لله المتفرد بآلائه، المتفضل بنعمائه العدل في قضائه، الذي محص بالاختيار عن أوليائه، وأملى 1 بالاستدراج لأعدائه، وجعل امتحانه لمن عرفه أدبا، ولمن أنكره غضبا.
وصلى الله على ساداتنا وأئمتنا: محمد نبيه وصفيه وآله المصطفين الأخيار، المعصومين الأبرار، وسلم عليهم تسليما.
ولما رأيت ما شملني والعصابة المهدية 2 من الاختبار واللاواء والتمحيص و الابتلاء في باب معيشتها، وتصرف أحوال الدنيا بها، والامتحان 3، رافعا من الله الكريم بها، وحسن نظر منه 4 لها.
وكرهت أن يخرج ذلك دين من لم يعرف موقع الفضل والعدل فيه، والمنة عليه به، ويقدح في اعتقاد من لم يتصل به ما اتصل بي.
وعلمت بغمز 5 ما قاله النبي والوصي والأئمة - صلوات الله عليهم أجمعين - في هذا المعنى، وما ذكروه من أحوال شيعتهم [و] مسارعة البلاء إليهم تمحيصا عنهم، وكفارات 6 لذنوبهم، وما بشروهم به من حميد العواقب فيه، ونبهوا
Page 28
عليه من تفضل 1 الله عليهم بذلك منا منه ورحمة، علمت هذا الكتاب وترجمته:
* (كتاب التمحيص) * واشتققت ترجمته من معناه، وذكرت فيه وجوه الاختيار 2 من الله جل ثناؤه لعباده المؤمنين، وتمحيصه عن أوليائه الموحدين.
وأضفت إليه ما جانسه، وضممت إليه ما شاكله من الصبر، والرضا، و الزهد فيما يفنى 3 لتكمل الفائدة، ويعم النفع فيكون ذلك درسا لعالمينا، وفائدة لمتعلمينا، ومقويا يقين من ضعف يقينه منا، ومسليا عن حطام الدنيا، ومبشرا بسرور الأخرى، وكاشفا عمن اتصل غمه، وملكه همه ليرجع إلى ربه، ويثق بوعد إمامه 4، فيكمل الله أجره، ويجزل ذخره.
فمن نظر فيه من إخواننا - كثرهم الله وحرسهم - ورأي فيه خللا أصلحه، أو نقصا تممه متوخيا 5 بذلك جزيل الثواب في وقت الاياب إنشاء الله، وبه الثقة، وعليه توكلت، وهو حسبي ونعم الوكيل.
Page 29
(1) باب سرعة البلاء إلى المؤمن (المؤمنين / خ) 1 - حدثني أبو علي محمد بن همام *، قال: حدثني عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد وعبد الله ابنا محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، وكرام، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كان علي عليه السلام يقول: إن البلاء أسرع إلى شيعتنا من السيل إلى قرار الوادي 1.
2 - عن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الجوع، والخوف أسرع إلى شيعتنا من ركض البراذين 2.
3 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو أن مؤمنا على لوح لقيض الله له منافقا يؤذيه 3.
4 - عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما كان، و لا يكون، وليس بكائن مؤمن إلا وله جار يؤذيه، ولو أن مؤمنا في جزيرة من جزائر
Page 30