246

Tamhīd li-tārīkh al-falsafa al-islāmiyya

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

Genres

صلى الله عليه وسلم ، خلاف ظاهر، وروي عنهم في مدة مرض النبي خلاف في أمور اجتهادية لا تتصل بمسائل العقائد، وذلك كاختلافهم عند قول النبي في مرض موته: «ائتوني بقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي.» حتى قال عمر: إن النبي قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله! وكثر اللغط في ذلك حتى قال النبي: «قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع.» وكاختلافهم في التخلف عن جيش أسامة، فقال قوم بوجوب الاتباع لقوله عليه السلام: «لعن الله من تخلف عنه.» وقال قوم بالتخلف انتظارا لما يكون من رسول الله في مرضه.

وإن رويت عنهم ألوان من الجدل؛ نهاهم رسول الله

صلى الله عليه وسلم

عنها.

جاء في كتاب «صون المنطق والكلام عن فن النطق والكلام» للسيوطي نقلا عن كتاب «ذم الكلام وأهله» لشيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي (المتوفى سنة 481ه): «وأخرج من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: خرج رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، على أصحابه ذات يوم وهم يتراجعون في القدر، فخرج مغضبا حتى وقف عليهم، فقال: «يا قوم، بهذا ضلت الأمم قبلكم باختلافهم على أنبيائهم وضربهم الكتاب بعضه ببعض، وإن القرآن لم ينزل لتضربوا بعضه ببعض، ولكن نزل القرآن فصدق بعضه بعضا، ما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه فآمنوا به.»

وأخرج عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله،

صلى الله عليه وسلم ، ونحن نتنازع في القدر؛ فغضب حتى احمر وجهه، ثم قال: «أبهذا أمرتم؟ أم بهذا أرسلت إليكم؟ إنما هلك من كان قبلكم حتى تنازعوا في هذا الأمر، عزمت عليكم ألا تنازعوا.» وأخرج عن أبي الدرداء وأبي أمامة وأنس بن مالك وواثلة بن الأسقع قالوا: خرج إلينا رسول الله،

صلى الله عليه وسلم ، ونحن نتنازع في شيء من الدين فغضب غضبا شديدا لم يغضب مثله، ثم انتهرنا، قال: «يا أمة محمد، لا تهيجوا على أنفسكم.» ثم قال: «أبهذا أمرتكم؟ أوليس عن هذا نهيتكم؟ إنما هلك من كان قبلكم بهذا.» ثم قال: «ذروا المراء لقلة خيره، ذروا المراء فإن نفعه قليل ويهيج العداوة بين الإخوان، ذروا المراء فإنه لا تؤمن فتنته، ذروا المراء فإن المراء يورث الشك ويحبط العمل، ذروا المراء فإن المؤمن لا يماري، ذروا المراء فكفى بك إثما ألا تزال مماريا، ذروا المراء فإن المماري لا أشفع له يوم القيامة، ذروا المراء فأنا زعيم بثلاثة أبيات في الجنة في وسطها ورياضها وأعلاها لمن ترك المراء وهو صادق، ذروا المراء فإنه أول ما نهاني الله عنه بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر، ذروا المراء فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد، ولكن رضي بالتحريش وهو المراء في الدين، ذروا المراء فإن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلهم على الضلالة إلا السواد الأعظم.» قالوا: يا رسول الله، ومن السواد الأعظم؟ قال: «من كان على ما أنا عليه وأصحابي.» ثم قال: «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء.» قالوا: يا رسول الله، ومن الغرباء؟ قال: «الذين يصلحون إذا فسد الناس، ولا يمارون في دين الله.»» (3-2) العقائد الإيمانية في عهد الخلفاء الراشدين من سنة 11ه/632م إلى سنة 40ه/660م

كان أمر العقائد في عهد الخلفاء الراشدين على ما كان عليه في عهد النبي

Unknown page