194

Tamhid Tarikh Falsafa Islamiyya

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

Genres

وفي «الانتقاء» قال الهيثم بن جميل: «شهدت مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين منها: «لا أدري.»

ولم يكن أهل الحديث مع ذلك ينكرون اجتهاد الرأي والقياس على الأصول في النازلة تنزل عند عدم النصوص.» (ب) الشافعي وأمر الفقه عند ظهوره

ظهر الشافعي والأمر على ما وصفناه من نهضة الدراسة الفقهية في بلاد الإسلام، نهضة ترمي إلى الوفاء بالحاجة العملية في دولة تريد أن تجعل أحكام الشرع دستورا لها.

ومن انقسام الفقهاء إلى أهل رأي يعتمدون في نهضتهم على سعة أفهامهم ونفاذ عقولهم وقوتهم في الجدل، وأهل حديث يعتمدون على السنن والآثار ولا يأخذون من الرأي إلا بما تدعو إليه الضرورة.

كان أهل الرأي يعيبون أهل الحديث بالإكثار من الروايات الذي هو مظنة لقلة التدبر والتفهم؛ حكي عن أبي يوسف قال: سألني الأعمش (المتوفى سنة 147ه/764م) عن مسألة وأنا وهو لا غير، فأجبته، فقال لي: من أين قلت هذا يا يعقوب؟ فقلت: بالحديث الذي حدثتني أنت، فقال: يا يعقوب، إني لأحفظ هذا الحديث من قبل أن يجتمع أبواك ما عرفت تأويله إلا الآن.»

168

وفي شرح عبد العزيز البخاري على أصول البزدوي: أنه سأل واحدا من أهل الحديث عن صبيين ارتضعا لبن شاة، هل تثبت بينهما حرمة الرضاع؟ فأجاب بأنها ثبتت عملا بقوله

صلى الله عليه وسلم : «كل صبيين اجتمعا على ثدي واحد حرم أحدهما على الآخر.» فأخطأ لفوات الرأي، وهو أنه لم يتأمل أن الحكم متعلق بالجزئية والبعضية، وذلك إنما يثبت بين الآدميين لا بين الشاة والآدمي.

وسمعت عن شيخي - رحمه الله - أنه قال: كان واحد من أصحاب الحديث يوتر بعد الاستنجاء عملا بقوله

صلى الله عليه وسلم : «من استنجى فليوتر.»

Unknown page