Tamhid Tarikh Falsafa Islamiyya

Mustafa Cabd Razzaq d. 1366 AH
152

Tamhid Tarikh Falsafa Islamiyya

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

Genres

83

وفي شرح السيد الشريف على «المواقف»: «قال الآمدي: كان المسلمون عند وفاة النبي

صلى الله عليه وسلم

على عقيدة واحدة وطريقة واحدة، إلا من كان يبطن النفاق ويظهر الوفاق، ثم نشأ الخلاف فيما بينهم أولا في أمور اجتهادية لا توجب إيمانا ولا كفرا، وكان غرضهم منها إقامة مراسم الدين وإدامة مناهج الشرع القويم، وذلك كاختلافهم عند قول النبي في مرض موته: «ائتوني بقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي»، حتى قال عمر: إن النبي قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله.

وكثر اللغط في ذلك حتى قال النبي: «قوموا عني، لا ينبغي عندي التنازع.» وكاختلافهم بعد ذلك في التخلف عن جيش أسامة، فقال قوم بوجوب الاتباع لقوله عليه السلام: «جهزوا جيش أسامة. لعن الله من تخلف عنه»، وقال قوم بالتخلف انتظارا لما يكون من رسول الله في مرضه، وكاختلافهم بعد ذلك في موته حتى قال عمر: من قال: إن محمدا قد مات علوته بسيفي، وإنما رفع إلى السماء، كما رفع عيسى بن مريم، وقال أبو بكر: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد إله محمد فإنه حي لا يموت، وتلا قوله تعالى:

وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ...

الآية. فرجع القوم إلى قوله، وقال عمر: كأني ما سمعت هذه الآية إلا الآن.

وكاختلافهم بعد ذلك في موضع دفنه بمكة أو بالمدينة أو القدس، حتى سمعوا ما روي عنه، من أن الأنبياء يدفنون حيث يموتون، وكاختلافهم في الإمامة، وثبوت الإرث عن النبي كما مر. وفي قتال مانعي الزكاة حتى قال عمر: كيف نقاتلهم وقد قال

صلى الله عليه وسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم»؟ فقال له أبو بكر: أليس قد قال: «إلا بحقها»؟ ومن حقها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو منعوني عقالا مما أدوه إلى النبي لقاتلتهم عليه.

ثم اختلافهم بعد ذلك في تنصيص أبي بكر على عمر بالخلافة، ثم في أمر الشورى حتى استقر الأمر على عثمان، ثم اختلافهم في قتله. وفي خلافة علي ومعاوية، وما جرى في وقعة الجمل وصفين، ثم اختلافهم أيضا في بعض الأحكام الفروعية كاختلافهم في الكلالة، وميراث الجد مع الأخوة، وعقل الأصابع، وديات الأسنان، وكان الخلاف يتدرج ويترقى شيئا فشيئا إلى آخر أيام الصحابة.»

Unknown page