252

Tamhīd al-awāʾil wa-talkhīṣ al-dalāʾil

تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل

Editor

عماد الدين أحمد حيدر

Publisher

مؤسسة الكتب الثقافية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

Publisher Location

لبنان

يعلم بِدَلِيل قَاطع أَنه غير نَاطِق فَوَجَبَ صرف وصفهَا بالْقَوْل والإخبار والشكوى إِلَى الْمجَاز
والباري سُبْحَانَهُ حَيّ لَا يَسْتَحِيل عندنَا وعندكم أَن يكون قَائِلا متكلما فَوَجَبَ أَن يكون وَصفه لنَفسِهِ بالْقَوْل مَحْمُولا على الْحَقِيقَة دون الْمجَاز
وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ أَن يكون وَصفه لنَفسِهِ بالْقَوْل مجَازًا ومقيسا على هَذِه الْأُمُور لوَجَبَ أَن يكون وَصفه لنَفسِهِ بالإرادة وَالْعلم وَالْقُدْرَة مجَازًا واتساعا وعَلى معنى أَنه فَاعل فَقَط وَأَن الْأَشْيَاء لَا تتعذر عَلَيْهِ قِيَاسا على هَذِه المجازات الَّتِي ذكرتموها
فَإِن لم يجب هَذَا لِأَن الْمجَاز لَا يُقَاس عَلَيْهِ لم يجب مَا قُلْتُمْ
وعَلى أَن قَوْله ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين﴾ حَقِيقَة عندنَا فَلَا تعلق فِيهِ
وَإِنَّمَا يَسْتَحِيل تكلم الجماد بالْكلَام الَّذِي يُوجد بِالنَّفسِ مُقَارنًا للقصد والتمييز
وَمِمَّا يدل على أَنه لَا يجوز أَن يكون قَوْله ﴿أَن نقُول لَهُ كن فَيكون﴾ مجَازًا واتساعا وعَلى معنى أَنه يكونه من غير أَن يَقُول لَهُ اتِّفَاق أهل الْعَرَبيَّة على أَن الْعَرَب إِذا ذكرت الْمصدر وأكدت بِهِ الْفِعْل وَجب أَن يكون حَقِيقَة كَقَوْلِهِم كَلمته تكليما وضربته ضربا وَأَنه لذَلِك لم يجز أَن يؤكدوا شَيْئا من الْمجَاز الَّذِي سَأَلْتُم عَنهُ فيقولوا
قَالَ الْحَائِط قولا وتخبرني العينان إِخْبَارًا
لِأَن ذَلِك يُوجب أَن تكون هَذِه الْأَوْصَاف حقائق فِيمَا أجريت عَلَيْهِ
وَلذَلِك صَار قَوْله وكلم الله مُوسَى

1 / 274